قوله: ولو كان مجرد كون كريم الشيء مستلزما لنجاسته لكان مثل قوله تعالى : { حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم } (¬1) الآية دليلا على نجاسة النساء ا لمذكورات في ا لآية والمسلم لا ينجس حيا ولا ميتا إلى أن قال وكذلك يلزم نجاسة أعيان وقح التصريح بتحريمها وهي طاهرة بالاتفاق كالأنصاب إلى آخره .
أقول: أولا: أنك قد عرفت القاعدة عند القائلين بها وهي كل حرام لعينه نجس لا مطلقا وقد عرفت فساد ما نقض به عليهم من عدم نجاسة أشياء عرفت كالمسكرات فإن تحريمها لاسكارها لا لعينها فلم يدخل تحت قاعدتهم وكذلك ما ألزمهم إياه من تنجيس النساء المحرمات، فإن تحريمها لتعظيم حرمتها وهو ينافي تذليل الوطء ولولا ذلك لما جازت لغير ذوى المحارم منها كما أن الميتة لا تحل لأحد أبدا إلا عند الضرورة وهو شأن الحرام لعينه، وأما .النساء المحرمات فلا تحل لمن حرمت عليه ولو أضطر وقارب الهلاك ونجاته بوطئها خاصة ولو جبر أن يطأها أو يقتل وكان قد شهر على رأسه السيف لما حل له أن يفعل لينجي نفسه من ذلك، مع جوازها لغير كما عرفت فأين بين هذا وذاك ء ثم أطال بما لا طائل تحته وقام على زعمه يبين مقاصد الآية فقال في تبينها ما لا يقبله ذوو النهي لاسيما عند تعريفه للوجوب والتحريم حيث قال : وأن الواجب ما يمدح فاعله ويذم تاركه، ولم يقل ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه ء فبهذا فليقل وإلا دخل تحت تعريفه جميع ما يمدح على فعله ويذم على تركه شرعا وعقلا وعادة ، وقال في تعريف معنى التحريم ما نصه: ومعنى التحريم المنع والتعبد، فقل له على أثر تعريفه هذا أن الواجبات جيمها داخلة تحت التعبد فيلزم عليه أن تكون محرمة فحرم بتعريفه هذا توحيد الله عز وجل ء فإنه أعظم الواجبات وأولها، فهلا قال في تعريفه: هو التعبد بالمنع، وفي تعريف المحرم نفسه: هو ما يعاقب على فعله ويثاب على تركه .
¬__________
Página 33