Nahj Haqq
نهج الحق وكشف الصدق
Géneros
المطلب الرابع في أنه تعالى يفعل لغرض وحكمة
قالت الإمامية إن الله تعالى إنما يفعل لغرض وحكمة وفائدة ومصلحة ترجع إلى المكلفين ونفع يصل إليهم. وقالت الأشاعرة إنه لا يجوز أن يفعل شيئا لغرض ولا مصلحة ترجع إلى العباد ولغاية من الغايات (1) ولزمهم من ذلك محالات منها أن يكون الله تعالى لاعبا عابثا في فعله فإن العابث هو الذي يفعل لا لغرض وحكمة بل مجانا والله تعالى يقول وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين (2) ربنا ما خلقت هذا باطلا (3) والفعل الذي لا لغرض للفاعل فيه باطل ولعب تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. ومنها أنه يلزم أن لا يكون الله تعالى محسنا إلى العباد ولا منعما عليهم ولا راضيا لهم ولا كريما في حق عباده ولا جوادا. وكل هذه تنافي نصوص الكتاب العزيز والمتواتر من الأخبار النبوية وإجماع الخلق كلهم من المسلمين وغيرهم فإنهم لا خلاف بينهم في وصف الله تعالى بهذه الصفات على سبيل الحقيقة لا على سبيل المجاز. وبيان لزوم ذلك أن الإحسان إنما يصدق لو فعل المحسن نفعا لغرض الإحسان إلى المنتفع فإنه لو فعله لا كذلك لم يكن محسنا وبهذا لا يوصف مطعم الدابة لتسمن حتى يذبحها بالإحسان في حقها ولا بالإنعام عليها
(1) في نسخة: ولا لغاية. وقد ذكر الفضل في المقام: إن الأشاعرة ذهبوا: إلى أن أفعال الله تعالى ليست معللة بالاغراض. وقال: ولا يجوز تعليل أفعاله بشيء من الأغراض، والعلل الغائية. (وراجع أيضا: التفسير الكبير ج 17 ص 11، وغيره من كتب القوم)
(2) الأنبياء: 16 الدخان: 38.
(3) آل عمران: 191.
Página 89