البحث الخامس في أن الوجود ليس علة تامة في الرؤية خالفت الأشاعرة كافة العقلاء هاهنا وحكموا بنقيض المعلوم بالضرورة فقالوا إن الوجود علة في كون الشي ء مرئيا فجوزوا رؤية كل موجود سواء كان في حيز أو لا وسواء كان مقابلا أو لا فجوزوا إدراك الكيفيات النفسانية كالعلم والإرادة والقدرة والشهوة اللذة وغير النفسانية مما لا يناله البصر كالروائح والطعوم والأصوات والحرارة والبرودة وغيرهما من الكيفيات الملموسة. ولا شك في أن هذا مكابرة للضروريات فإن كل عاقل يحكم بأن الطعم إنما يدرك بالذوق لا بالبصر والروائح إنما تدرك بالشم لا بالبصر والحرارة وغيرها من الكيفيات الملموسة إنما تدرك باللمس لا بالبصر والصوت إنما يدرك بالسمع لا بالبصر ولهذا فإن فاقد البصر يدرك هذه الأعراض ولو كانت مدركة بالبصر لاختل الإدراك باختلاله وبالجملة فالعلم بهذا الحكم لا يقبل التشكيك وإن من شكك فيه فهو سوفسطائي. ومن أعجب الأشياء تجويزهم عدم رؤية الجبل الشاهق في الهواء مع عدم الحائل السابق وثبوت رؤية هذه الأعراض التي لا تشاهد ولا تدرك بالبصر وهل هذا إلا عدم تعقل من قائله
Página 13