البحث الأول المحسوسات أصل الاعتقادات كما كان الإدراك أعرف الأشياء وأظهرها على ما يأتي وبه تعرف الأشياء وحصل فيه من مقالاتهم أشياء عجيبة غريبة وجب البدأة به فلهذا قدمناه. اعلم أن الله تعالى خلق النفس الإنسانية في مبدإ الفطرة خالية عن جميع العلوم بالضرورة قابلة لها بالضرورة وذلك مشاهد في حال الأطفال ثم إن الله تعالى خلق للنفس آلات بها يحصل الإدراك وهي القوى الحساسة فيحس الطفل في أول ولادته بحس لمس ما يدركه من الملموسات ويميز بواسطة الإدراك البصري على سبيل التدريج بين أبويه وغيرهما وكذا يتدرج في الطعوم وباقي المحسوسات إلى إدراك ما يتعلق بتلك الآلات ثم يزداد تفطنه فيدرك بواسطة إحساسه بالأمور الجزئية الأمور الكلية من المشاركة والمباينة ويعقل الأمور الكلية الضرورية بواسطة إدراك المحسوسات الجزئية ثم إذا استكمل الاستدلال وتفطن بمواضع الجدال أدرك بواسطة العلوم الضرورية العلومالكسبية فقد ظهر من هذا أن العلوم الكسبية فرع على العلوم الضرورية الكلية والعلوم الضرورية الكلية فرع على المحسوسات الجزئية فالمحسوسات إذن هي أصول الاعتقادات ولا يصح الفرع إلا بعد صحة أصله فالطعن في الأصل طعن في الفرع. وجماعة الأشاعرة الذين هم اليوم كل الجمهور من الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة إلا اليسير من فقهاء ما وراء النهر أنكروا قضايا محسوسة على ما يأتي بيانه فلزمهم إنكار المعقولات الكلية التي هي فرع المحسوسات ويلزمهم إنكار الكسبيات وذلك هو عين السفسطة
البحث الثاني في شرائط الرؤية
أطبق العقلاء بأسرهم عدا الأشاعرة على أن الرؤية مشروطة بأمور ثمانية :
الأول سلامة الحاسة.
الثاني المقابلة أو حكمها في الأعراض والصور في المرايا فلا تبصر شيئا لا يكون مقابلا ولا في حكم المقابل.
الثالث عدم القرب المفرط فإن الجسم لو التسق بالعين لم يمكن رؤيته.
الرابع عدم البعد المفرط فإن البعد إذا أفرط لم يمكن الرؤية.
Página 9