ونحن لا نطالب ما كنتم قياما، ولا نذكر ما كنتم شهودا. ونحن مع قلة علمنا لا نجد أبدا عملنا إلا مقصرا عن علمنا. وأنتم مع اتساع قلوبكم، أعمالكم وفق علومكم؛ لأن كل من بذل كل مجهوده، وخاطر بجميع نعمته، وكانت الواحدة من نعمه كالجميع من نعم غيره، مع خذلان الموافق ونكوص المؤازر، ثم لم تزده الشدائد إلا شدة، والوحدة إلا أنسة حقيق بالتفضيل والتعظيم ، والإنابة له بالتقديم.
ولعل قائلا أن يقول: أدخله في جملة صفات أبيه، وجلة مشيخته وأقربيه، حيث خصهم بالتقديم، وأبانهم بالتعظيم. بل كيف يقدم من صغرت سنه وقلت تجربته على من تقاربت سنه وكثرت تجربته. وكيف تمكن الطاعة الكثيرة في الأيام القصيرة والشهور اليسيرة؟ وهل يقول ذلك صاحب تحصيل ومقايسة، والبعيد من الملق والمخادعة.
Página 294