فرسه ليبول، وقال للراعي احفظ عني فرسي حتى أبول فعمد الراعي إلى العنان وكان ملبسًا ذهبًا كثيرًا فاستغفل بهرام وأخذ سكينًا وقطع طرف اللجام فرفع بهرام طرفه إليه فاستحى وأطرق ببصره إلى الأرض وأطال الجلوس حتى أخذ الرجل حاجته فقام بهرام وجعل يده على عينيه، وقال للراعي:
قدم إليّ فرسي فإنه دخل في عيني تراب من سافي الريح فما أقدر على فتحها فقدمه إليه فركب وسار إلى أن وصل إلى عسكره فقال لصاحب مركبه طرف اللجام وهبته فلا تتهم به أحدًا.
حكاية: قيل إن كسرى أنوشروان كان أشد الناس تطلعًا إلى خفايا الأمور وأعظم خلق الله في زمانه بحثًا على الأسرار، وكان يبعث الجواسيس على الرعايا في البلاد ليقف على حقائق الأحوال ويطلع على غوامض القضايا فيعلم المفسد فيقابله بالتأديب ويجازي المصلح بالإحسان ويقول متى غفل الملك عن تعرّف ذلك فليس له من الملك إلا اسمه وسقطت من القلوب هيبته. وكان ممن تيقظ لأمر الرعية في سياسة الحكم وأمور البلاد الملك عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وكان معاوية بن أبي سفيان قد سلك طريق في ذلك.
حكاية: عن بعض مشايخ أهل المدينة قال كانت عند عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ﵁ جارية مغنية يقال لها عمارة، فلما وفد عبد الله على معاوية خرج بها معه فزاره يزيد ذات يوم وأقام عنده فأخرجها إليه، فلما نظر إليها وسمع غناءها وقعت في نفسه فأخذه عليها ما لم يملك نفسه معه ولم يزل يكتم أمره إلى أن مات معاوية وأفضى إليه الأمر وتقلد الخلافة يزيد فاستشار بعض من يثق به في أمرها فقال له أن أمر عبد الله لا يرام ولا يبيعها بشيء أبدًا وليس يغني في هذا الأمر إلا الحيلة، قال فاطلب لي رجلًا من أهل العراق عاقلًا ظريفًا أديبًا له معرفة ودراية فطلبوه فجاؤوا به، فلما دخل عليه استنطقه فرأى بيانًا وحلاوة في كلامه فقال له إني دعوتك لأمر إن ظفرت به فلك عندي الجائزة العظمى ثم أخبره بأمره فقال يا أمير المؤمنين إن عبد الله بن جعفر ﵁ أمره لا يرام إلا بالخديعة ولن يقدر على ما سألت إلا رجل فأرجو أن أكون هو بحول الله وقوته فأعني بالمال يا أمير المؤمنين قال خذ ما أحببت فأخذ واشترى من طرف الشام ومتاعها للتجارة ومن كل شيء حسن حاجته وشخص إلى المدينة فأناخ بعرصة عبد الله بن جعفر ﵁ وأكثر تنزلًا إلى جانبه، ثم توسل إليه
1 / 35