الفتى حديث فإذا فرغت من شغلي هذا فذكرني أحدثك به، فلما فرغ من شغله قال له ابنه الفضل أعزك الله يا أبت أمرتني أن أذكرك حديث أبي خالد الأحول، فقال نعم يا بني لما قدم أبوك إلى العراق أيام المهدي كان فقيرًا لا يملك شيئًا فاشتد بي الأمر إلى أن قال لي من في منزلي إنا قد كتمنا حالنا وزاد ضرنا، ولنا اليوم ثلاثة أيام ما عندنا شيء نقتات به قال فبكيت لذلك يا بني بكاء شديدًا وبقيت حيران مطرقًا مفكرًا، ثم تذكرت منديلًا كان عندي فقلت لهم ما حال المنديل قالوا موجود، فقلت افعوه إليّ فأخذته ودفعته إلى بعض أصحابي وقلت له بعه بما تيسر فباعه بسبعة عشر درهمًا فدفعتها إلى أهلي وقلت لهم أنفقوها إلى أن يرزق الله
غيرها، ثم بكرت من غد إلى باب أبي خالد وزير المهدي، فإذا الناس وقوف على دوابهم ينتظرون خروجه، فخرج عليهم راكبًا، فلما نظر إلي سلم عليّ وقال كيف حالك؟ فقلت يا أبا خالد ما حال رجل بيع بالأمس من منزله منديل بسبعة عشر درهمًا، فنظر إليّ نظرًا شديدًا وما أجابني جوابًا، فرجعت إلى أهلي كسير القلب وأخبرتهم بما اتفق لي مع أبي خالد، فقالوا بئس والله ما فعلت، مررت برجل كان يرتضيك لأمر جليل كشفت له سرك وأطلعته على مكنون أمرك، فأزريت عنده بنفسك وصغرت عنده منزلتك بعد أن كنت عنده جليلًا فما يراك بعد اليوم إلا بهذه العين، فقلت قد مضى الأمر الآن بما لا يمكن استدراكه، فلما كان من الغد بكرت إلى باب الخليفة فلما بلغت باب الخليفة استقبلني رجل فقال لي وقد ذكرت الساعة بمجلس أمير المؤمنين فلم ألتفت إلى قوله فاستقبلني آخر وقال لي كما قال الأول ثم استقبلني حاجب أبي خالد، فقال لي أين كنت قد أمرني أبو خالد أن أجلسك عندي إلى أن يخرج من عند أمير المؤمنين فجلست حتى خرج فلما رآني دعاني وأمر لي بمركوب فسرت إلى منزله، فلما نزل قال عليّ بفلان وفلان فأحضرا فقال ألم تشتريا مني غلات السواد بثمانية عشر ألف درهم؟ قالا نعم قال ألم أشترط عليكما شركة رجل معكما؟ قالا بلى قال هذا الرجل الذي اشترط شركته لكما، ثم قال لي قم معهما، فلما خرجنا من عنده قالا لي ادخل معنا بعض المساجد حتى نكلمك في أمر يكون لك فيه الربح الهنئ، وقالا إنك تحتاج في هذا الأمر إلى وكلاء وأمناء وكيالين وأعوان فهل لك أن تبيعنا شركتك بمال نجعله لك فتنتفع به ويسقط عنك التعب والنصب، فقلت لهما كم تبذلان لي، فقالا مائة ألف درهم
1 / 33