Nafha Zakiyya
النفحة الزكية في تاريخ مصر وأخبار الدولة الإسلامية
Géneros
وكان المصريون يعتقدون أن الموت ليس إلا تغيرا في الحياة، فيقولون: إن للجسم صورة؛ أي طيفا يعيش بعده بعد أن يصير عديم الحركة ما دام محفوظا؛ ولذا كانوا يصبرون الأموات، ويضعونهم في مقابر مشيدة لأجل حفظها من حوادث الزمان ومن كل رجس وتدنيس، ثم إنهم كانوا يعتقدون أيضا بوجود الروح، وأنها تحاسب بعد الموت أمام أوزوريس وقضاة النار الاثنين والأربعين، فإذا كانت غير محسنة فهي في العذاب الأليم حتى تنعدم بعد موت ثان، وأما إذا كانت محسنة فتلحق بالجسم والطيف بعد امتحانات عديدة، وتبقى معهما حتى تبعث.
أما الصناعة فقد تقدمت كثيرا عند المصريين؛ فقد كانوا ينسجون أقمشة الكتان والصوف، ويستعملون في صباغتها ألوانا لا تتغير قط بتداول الأيام والسنين، وكانوا يحسنون سبك المعادن من ذهب وفضة وبرونز، وكانوا يعرفون القيشاني والزجاج والمينا. أما آثاراتهم فمشهورة بعظم حجمها؛ وأهمها آثارات لقصر ومدينة آبو والفيوم وأهرام الجيزة. وقد اشتغل المصريون أيضا بالعلوم، خصوصا علم الهندسة والفلك والطب والجغرافية. وقصارى الأمر أن مصر كانت منبع العلوم والمعارف، وفيها نبغ أعظم واضعي القوانين من اليونان؛ ليكورغة وصولون، وأعظم فلاسفتهم؛ فيثاغورث وأفلاطون، وغيرهم من مشاهير الرجال الذين اشتهروا بالعلوم والمعارف.
الباب الأول
في زمن الملوكية المصرية، وفيه ثلاثة فصول
إن الإحدى والثلاثين عائلة المتقدم ذكرها التي حكمت مصر من ابتداء الملك منا تنقسم إلى ثلاث طبقات تعرف بالدولة القديمة والدولة الوسطى والدولة الحديثة، وكانت كل عائلة تسمى باسم المدينة التي اتخذتها تختا لملكها؛ فيقال عائلة طينية؛ أي تخت ملكها بمدينة طينة، وعائلة منفية؛ أي تخت ملكها بمدينة منف، وعائلة طيبية؛ أي تخت ملكها بمدينة طيبة، وعائلة صاوية؛ أي تخت ملكها بمدينة صا الحجر، وهكذا. أما إذا كانت العائلة أجنبية فتسمى باسم أمتها؛ ولذا يقال العائلة الإثيوبية، والعائلة الفارسية، والعائلة المقدونية، وهكذا.
الفصل الأول
في الطبقة الأولى، وهي الدولة القديمة، وفيه ثلاثة مطالب:
حكمت هذه الدولة 1940 سنة (5626-3686ق.ه) وتشتمل على عشر عائلات من العائلة الأولى إلى العائلة العاشرة.
المطلب الأول
في الملك منا ومبدأ الدولة القديمة
Página desconocida