وقال الذهبي -بعد الثناء عليه-: وعليه مآخذ في دينه، وهديه، والله يصلحه وإيانا (١).
وقال أيضًا: ولو أكب على العِلْم كما ينبغي، لشُدَّت إليه الرحال، ولكنه كان يتلهى عن ذلك بمباشرة الكِتْبة (٢).
وقال ابن كثير -بعد الثناء على عقيدته وخُلقه وعلمه كما تقدم-: ولم يَسْلَم من بعض الانتقاد، ... ويُذكَر عنه سوء أدب، في أشياء أخر، سامحه الله فيها (٣).
وقال الكمال الإِدْفَوِي -قرين المؤلف- في كتابه البدر السافر: وخالط أهل السفَهِ وشَراب المُدام، فوقع في المَلام، ورُشِق بسهام الكلام، والناس مَقارِن، والقرين يُكرم ويُهان باعتبار المُقارِن (٤).
والجواب عن كل ذلك من وجهين:
أولًا: أن الذين ذكروا هذه الأمور، قد سبقوها أو أتبعوها بذكر محاسن له تكفي في دفع تأثير تلكم الانتقادات في علمه ودينه، وخلقه، وكأنهم يشيرون إلى أنه مع رفعة مكانته، وشهرته بالعلم والخلق، لم يَسْلَم من بعض الانتقادات التي وجهت إليه وإن كانت غير قادحة في مقابل محاسنه الكثيرة. ويتضح ذلك في مثل قول الصفدي مثلًا؛ فإنه بعد أن قال: (ولكنه كان فيه لعِب) استدرك قائلًا: على أنه ما خَلَف مثلَه؛ لأنه كان متناسب الفضائل.
وأيضًا ابن كثير، والإِدفوي قد عَقَّبا على انتقادهما السابق بأنه مع ذلك لم يَخلُف بعدَه في مجموعه مثلَه علمًا ومعرفة، كما سيأتي في بيان مكانته العلمية (٥).
_________
(١) الدرر الكامنة ٤/ ٣٣١.
(٢) طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ٢/ ٣٩١.
(٣) البداية والنهاية ١٤/ ١٤٧ وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ٢/ ٣٩١.
(٤) طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ٢/ ٣٩٢.
(٥) انظر طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ٢/ ٣٩٢. والبداية والنهاية ١٤/ ١٤٧.
1 / 39