192

ولا يصح وصفه تعالى بأنه «تارك» ؛ لأن هذه اللفظة تفيد في عرف المتكلمين ما لا يجوز عليه تعالى ؛ لأنا قد بينا فيما مضى من هذا الكتاب أن حد الترك هو ما ابتدئ بالقدرة بدلا من ضد له يصح ابتداؤه على هذا الوجه ، ومعنى هذا الحد لا يصح فيه تعالى.

واللغة وإن أفادت في التسمية بالترك من كان غير فاعل ، فلا نصفه تعالى مطلقا بأنه تارك على مذهب اللغة ؛ لأن عرف المتكلمين أخص في أسمائه وصفاته من اللغة. وان قيدناه [و] قلنا إنه : «تارك» بمعنى أنه لم يفعل ، جاز (1).

( صم بكم عمي فهم لا يرجعون ) [البقرة : 18].

أنظر يونس : 100 من الأمالي ، 64 : 1 والأعراف : 146 من الأمالي 304 : 1.

( أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين ) [البقرة : 19].

أنظر البقرة : 74 من الأمالي ، 50 : 2 والبقرة : 8 من الذخيرة : 536.

( الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون ) [البقرة : 22].

[إن سأل سائل فقال : ] ما الذي أثبت لهم العلم به؟ وكيف يطابق وصفهم بالعلم هاهنا لوصفهم بالجهل في قوله تعالى : ( قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون ) (2).

** الجواب

والاعتراف بنعمته ؛ ثم عدد عليهم صنوف النعم التي ليست إلا من جهته ؛ ليستدلوا بذلك على وجوب عبادته ؛ وان العبادة إنما تجب لأجل النعم المخصوصة ؛ فقال جل من قائل : ( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من

Página 310