158

** الجواب :

قلنا : للخطاب موافق يتفق في المعنى ، ويختلف في الفخامة والتعظيم والجلالة والنباهة ، فيكون العدول إلى ما اقتضى التفخيم أولى ، وإن كان المعنى واحدا ، وجدناهم يفرقون بين خطاب الوالد لابنه والرئيس لرعيته ، وبين خطاب النظيرين ، فيقول الوالد لابنه يجب أن تطيع أباك فلأبيك عليك الحق ، ويكون هذا أولى في خطابه الدال على تقدمه عليه ، من أن يقول له يجب أن تطيعني ولا تعصيني.

ويكتب الخليفة في الكتب النافذة عنه : أمير المؤمنين يقول كذا وكذا وما يرتكب كذا وكذا ، وربما شافهه بمثل هذا الخطاب.

وكل هذا يقتضي جلالة هذه السورة وفخامة موضعها.

وإذا كان الأمر على ما ذكرناه ، فالعدول عن القول الذي ذكروه أولى ، وما اختاره الله في كتابه هو الواجب .

مسألة : فإن قيل : فما الوجه في قوله تعالى : ( مالك يوم الدين ) وهو تعالى مالك ليوم الدين ولغير يوم الدين ولكل شيء من المملوكات؟

وما السبب في هذا الاختصاص في الموضع الذي يقتضي العموم والشمول.

** الجواب :

أحد ما قيل في هذا الموضع : إن وجه اختصاص الملك ليوم الدين من حيث كانت الشبهات في ذلك اليوم زائلة عن تفرده بالملك ؛ لأن من يدعي أن الملك في الدنيا لغيره ويدعو من دونه أضدادا وأندادا تزول هناك شبهته وتحصل معرفته على وجه لا يدخله الشك ولا يعترضه الريب ، فكأنه أضاف الملك إلى يوم الدين لزوال الريب فيه وانحسار الشبهات عنه.

ووجه آخر : وهو أن يوم الدين إذا كان أعظم المملوكات وأجلها خطرا وقدرا ، فالاختصار (1) عليه يغني عن ذكر غيره ؛ لأن ملك العظيم الجليل يملك

Página 276