إن هذا التأييد الضمني يكشف أن لقارون علما تمكن بواسطته أن يجمع ثروته العظيمة (سواء كان ذلك العلم هو علم الكيمياء كما يدعي بعض المفسرين أو كان معرفته لقواعد وفنون التجارة والأعمال).
إن المسلم به هو أن ادعاء قارون لم يصلح حجة لمنع انتفاع الناس بثروته ، وذلك أن الإنسان مهما كانت لديه من مؤهلات وقابليات ، لا يمكنه لوحده أن يكسب ثروة بهذا الحجم فلابد أنه قد استفاد من الآخرين في سبيل تحصيلها ، لذا فهو مدين للمجتمع ولتعاونهم معه.
وعلى أي حال ، فإن ما تبينه هذه الآية هو وجود علاقة بين «العلم المادي» والتطور المادي» ، وهذا ما نشاهده بوضوح في عصرنا الحاضر ، حيث إن أقواما تقدموا ماديا في مجال الصناعة والحضارة المادية وذلك بفضل علومهم وتقنيتهم وصناعاتهم (1).
** 22 العلم مصدرالقوة أو (العلم قوة)
( قال الذى عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربى ). (النمل / 40)
هذه الآية لها علاقة بقصة سليمان وملكة سبأ ، فعندما أراد سليمان أن يأتي بعرشها ، تعهد عفريت من زعماء الجن بأن يأتي به قبل أن يقوم سليمان من مجلسه ، لكن وزير سليمان «آصف بن برخيا» الذي كان عنده علم من الكتاب ، والذي كان علمه يمكنه من القيام بأعمال خارقة للعادة قال لسليمان : إني استطيع أن آتي به قبل أن يرتد إليك طرفك وفعل ما قال ، فشكر سليمان ربه على الفضل الذي آتاه إياه من الأنصار والأعوان والأصدقاء.
وهذه الآية وإن جاءت في مورد خاص ، لكنها تكشف بوضوح عن العلاقة الموجودة بين العلم والقوة ، وترغب وتشجع على كسب العلم (2).
Página 57