وكان دمث الأخلاق رقيق الحاشية، حسن المحاضرة، لطيف الطبع شريف النفس كثير الدعاب حلو المجون بديع اللطائف والإستعارات معرضا عن التعلقات بكله، مطرحا للكبر بجملته، عارفا بأحوال أبناء زمانه غير مشتغل بالتكلفات (1) العرفية، ولا يتأنق في ملبوس ولا يبالي على أي وجه كان وليس همه إلا مجالسة الإخوان ومسامرة الخلان، ومصاحبة الأعيان، واتصل بالإمام المنصور بن المتوكل ولازم حضرته وكان المنصور يعجب به كثيرا لذكائه وفطنته وحسن محاضرته ؛ وكان المنصور كثير الميل إلى الأحاجي وكثيرا ما يستمع الأحاجي التي لا يفهمها أحد إلا صاحب الترجمة لقوة حدسه فوقع في قلبه أعظم موقع وأحسن إليه وكان كثير التردد من صنعاء إلى كوكبان.
واتفق أنه هوى مملوكا حبشيا لبعض أعيان كوكبان وكان المملوك مشغولا بخدمة سيده؛ فلم يظفر منه بطائل فوقع في بعض الأيام مطر وبرد تساقط منه الأثمار، وكان مخدوم المملوك متنزها بظفران [168-أ]فعاقه المطر عن اللحوق بمخدومه؛ وأقام عند صاحب الترجمة بقية يومه فكتب مع المملوك إلى من يأنس به من أصحابه ظفران.
إن يومي كمثل أمسك يا من
فإذا مال عنك غصن فمن خوف
كيف تسلو ومنزلي مطلع البدر
وإذا صدت اصددت ظبي وحش بمرماك
سقطت عنك عندك الورود الورد ود وأضحى
إجمال الأنام عذرا فقلبي
فتراه كمنخل الترب لا يحفظ
وإذا الروح صار عندك فالجسم
... بك أصبحت مثلما أنا أمسي
مصاب الغصون عندك أمس
ومن كوكبان مطلع شمسالشمس
فقد صدت بالذكاء ظبي أنسظبيأنس
بورود الخدود ترويح نفسي
لنبال اللحاظ أصبح ترسي
سرا ولا يفيق لحدسي
كميت وكوكبان كرمسي[97ب-ج]كرمس
ومن شعره قوله يمدح الإمام المهدي بن المنصور وقد وصل إلى حضرته أسدان:
أبلغ إمام العصر من مسترشد
هذا الأسود أتت إليك مطيعة
ما شأن من خضعت له أقرانه
أترىأثرا أتى ملك السباع مخبرا
أم خاف من ملك سواك ولم
أم أم صوح إمامنا ليكون من
Página 263