El profeta Moisés y los últimos días de Tel El-Amarna (Parte 1): Enciclopedia histórica, geográfica, étnica y religiosa
النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة (الجزء الأول): موسوعة تاريخية جغرافية إثنية دينية
Géneros
4
وتبعا لهذا اللوح، بعد الكشف عنه، أعاد الباحثون النظر في كل ما انتهوا إليه قبلا، وتم رفض فكرة أن بني إسرائيل هم الهكسوس، حيث تم طرد الهكسوس من مصر زمن أحمس حوالي 1575-1550ق.م. وهو آخر زمن الأسرة السابعة عشرة وبداية الأسرة الثامنة عشرة، وهو تاريخ يسبق زمن «مرنبتاح» 1225-1215ق.م. بما يزيد على ثلاثة قرون كاملة، ومن ثم ذهب بعض الباحثين إلى القول: إن بني إسرائيل هم بقايا أسرى هكسوس، تخلفوا في مصر طوال تلك السنين، حتى خرجوا زمن «مرنبتاح»، وبعضهم ذهب بحدث الدخول مذاهب شتى، لكن الأغلبية اتجهوا إلى القول: إن «رعمسيس الثاني» كان هو فرعون الاضطهاد، وأن ابنه «مرنبتاح» هو فرعون الخروج.
ويبدو أن «مانيتو» هو الواضع الحقيقي لأصول تلك النظرية، حيث قال: إن ثورة أسرى مدينة حواريس بقيادة الكاهن المصري «أوزرسيف»، قد حدثت زمن الملك «آمنحتب»، الذي طاردهم مع ولده الذي حمل عند «مانيتو» أسماء ثلاثة متضاربة هي: «هورامبيس/سيتوس/رمسيس»، في قول غامض وملتبس يقول: إن ابن «آمنحتب» كان اسمه: «سيتوس»، وكان يسمى أيضا «رمسيس» من أبيه «هورامبيس».
وقد اتضح لنا أن «مانيتو» كان معذورا تماما في ذلك اللبس، فالرجل قد اعتمد على المدونات المصرية القديمة، التي كانت موجودة حتى زمانه، وقد علمنا مما بقي من قوائم ملكية، إسقاطها جميعا لفترة أسرة العمارنة، وهي فترة حكم الملك «آمنحتب الرابع/إخناتون» وأتباعه الثلاثة المباشرين، وعدم ذكرهم أو الإشارة إليهم، وعندما تم الكشف عنهم بعد ذلك، سواء في حفائر تل العمارنة، أو في مقبرة توت عنخ آمون، كان الأمر كشفا مدويا، أعيد بموجبه إعادة ترتيب قوائم الملوك، وإدخال أسرة العمارنة في دائرة الضوء لأول مرة، ليتم إدراجها مباشرة بعد حكم الملك «آمنحتب الثالث»، في الفراغ بينه وبين حور محب أو «هورامبيس».
ومعلوم أن الباحثين قد برروا إسقاط المدونات المصرية لأسرة العمارنة، بالهرطقة الدينية التي قادها «إخناتون»، وهاجم بموجبها كل آلهة البلاد، وطاردها لصالح عقيدته في إلهه الأوحد «آتون»، مع تعصبه الشديد ومطاردته للآلهة الأخرى، مع فرض عقيدته بالقهر، ومن ثم اعتبره المصريون مارقا دنسا، هو وأسرته لا يصح ذكرهم، ووصمة عار يجب تناسيها ومحوها تماما من ذاكرة التاريخ، بالضبط كما فعلوا مع فترة الاحتلال الهكسوسي، التي أسقطت تماما ولم تدخل في المدون التاريخي المصري القديم، وظلت دوما فجوة نحاول ملأها بالنتف التي يمكن العثور عليها، من آثار الهكسوس أنفسهم، أو من أصحاب التواريخ القديمة مثل «مانيتو»، أو من بردية تشكل حالة خاصة مثل بردية تورين، ومن ثم أسقطت من قوائم مصر أسرة العمارنة كاملة، «فكانت القوائم الملكية تقفز مباشرة من زمن «آمنحتب الثالث»، منهية به الأسرة الثامنة عشرة، إلى «حور محب» مؤسس الأسرة التاسعة عشر، الذي قضى تماما على بقايا عبادة «آتون» الهرطقية».
ولما كان اسم «حور محب» باللسان اليوناني هو «هورامبيس»، فقد سجلها «مانيتو» كذلك، معتبرا إياه ابنا لآمنحتب، وأبا لمشاهير الأسرة التاسعة عشرة «رعمسيس الأول، ستي الأول، رعمسيس الثاني، مرنبتاح ... إلخ».
وعليه فلا جدال أن «آمنحتب» المقصود عند «مانيتو» هو «آمنحتب الثالث» قطعا وتحديدا، ولم يكن أمام «مانيتو» سوى احتساب «هوارمبيس/حور محب» و«رمسيس الأول» و«سيتوس/ستي الأول» و«رمسيس، رعمسيس الثاني» أبناء مباشرين للملك «آمنحتب الثالث»، أو أسماء متعددة لابن واحد لذلك الفرعون، لكنه أبدى حيرته لنا في قوله إن «سيتوس» هو «رمسيس» من أبيه «هورامبيس»، بحيث بدا متشككا ما بين وجوب نسبة «رعمسيس» إلى «آمنحتب الثالث» آخر الأسرة الثامنة عشرة، وبين وجوب نسبته إلى «حور محب» مؤسس الأسرة التاسعة عشرة.
ومن بعد، وبمرور الوقت، تدعمت نظرية «مانيتو» لكن المؤرخين استبعدوا معركة «آمنحتب الثالث» مع ثورة عبيد حواريس التي قادها «أوزرسيف»، ووقفوا مع من بقي منهم أسرى زمن «رعمسيس»، المفترض عند «مانيتو» ولدا لآمنحتب الثالث، ليعتبروه فرعون الاضطهاد، ويحددوا ولده «مرنبتاح» فرعونا للخروج، ومن المفيد هنا بشأن اللبس الحادث عند «مانيتو»، أن نذكر باللوحة التي شاهدناها بالكرنك للفرعون «آمنحتب الثالث»، وإلى جواره ابنه طفلا، مع تدوين اسم هذا الطفل «حور محب»!
فقد لاحظنا إبان زيارتنا للكرنك، أنه قد صورت على الواجهة الخارجية الجنوبية بقاعة الأعمدة بالصرح البحري، رحلة لمركب الإله «آمون» ومعه الملك «آمنحتب الثالث»، واقفا داخل المركب مرتين، وبصحبته شخص تمت إزالة صورته لكن عملية الإزالة تركت الأثر السابق واضحا، ولا شك أن الصورة كانت تمثل ابن «آمنحتب الثالث»، ومحل الصورة تم تدوين اسم «حور محب»، ولما كنا نعلم أن ابن «آمنحتب الثالث» هو «آمنحتب الرابع/إخناتون»، بالقطع واليقين، فلا جدال أن لوحة مثل تلك، كانت كفيلة بإقناع «مانيتو» أن «هرمبيس، حور محب»، ابن مباشر لآمنحتب الثالث، دون أن يضع بحسبانه - بالطبع - الخدعة المتمثلة في إهدار المصريين لأسرة العمارنة بكاملها، والتي تشمل الفراعنة: «إخناتون» وخلفائه على الحكم «سمنخ كارع» و«توت عنخ آمون» و«آي».
ولأن رواية مانيتو تقول بفتنة شخص اسمه أوزرسيف زمن فرعون باسم أمنوفيس/آمنحتب، فقد قام «دي بوا إيميه» بمزج ما وصله من تآريخ الكلاسيك القدماء برواية التوراة، ليضع سيناريو للأحداث مصدقا بالتوراة، وأن موسى قد ولد بين الإسرائيليين المستعبدين في مصر، وألقت به أمه في اليم زمن الفرعون آمنحتب، ليجرفه التيار إلى قصر الفرعون، فتنقذه ابنة الفرعون وتحسن إليه، وتتبناه وتأمر بتعليمه كل حكمة المصريين وعلومهم، فنشأ موسى نشأة مصرية كاملة، لكن يبدو أن تلك التي تبنته قد ماتت ففقد الحماية، ثم في لحظة غضب قتل مصريا، فطارده القصاص القانوني المصري، فهرب إلى عرب مديان بسيناء، الذين تناثروا في شبه الجزيرة، وتمركز معظمهم عند خليج العقبة، وهناك عند جبل حوريب المقدس، جبل الإله حسب نص التوراة، واصل التأمل ليضع خطة كبرى لمشروع عظيم، وعندما علم بموت الفرعون آمنحتب، قرر العودة إلى مصر، وذهب يدعو بني جلدته الإسرائيليين المستعبدين هناك، للهروب من تلك العبودية إلى آفاق الحرية، وبسبيل ذلك ابتدع للفرعون قصة مختلقة، وهي أنه مع شعبه لديهم مناسبة دينية سنوية، يذبحون فيها حيوانا مقدسا لدى المصريين؛ لذلك وحتى لا يستفزوا إيمان المصريين، فإنهم يحتاجون إلى مغادرة المدينة إلى الصحراء، لمدة ثلاثة أيام، يقيمون فيها احتفاليتهم ثم يعودون. بينما كان موسى يضمر الهروب بشعبه، كان يريد مجرد الخروج الآمن من المطاردة بتلك الحجة، وأن الأيام الثلاثة كفيلة، بقطع مسافة تجعل اللحاق بهم صعبا، عندما يكتشف المصريون الخدعة، لكن الفرعون «فيرون ابن سيزوستريس» رفض ذلك، في الوقت الذي تصادف فيه حدوث بعض الكوارث الطبيعية في مصر، فتطير الفرعون شرا، وتصوره غضبا إلهيا، بسبب عدم إطلاقه الإسرائيليين، وليس كما ذهب آخرون إلى أنه رمسيس الثاني؛ فدعا موسى وهارون وأعطاهما تصريحا بالخروج،
Página desconocida