El profeta Moisés y los últimos días de Tel El-Amarna (Parte 1): Enciclopedia histórica, geográfica, étnica y religiosa
النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة (الجزء الأول): موسوعة تاريخية جغرافية إثنية دينية
Géneros
وقد تمكن «مانيتو» بجهد وحذق، وبمعرفته بلغة بلاده وباللغة الإغريقية، أن يتابع بمهارة نقوش مصر القديمة ومدوناتها الحجرية والبردية، التي كانت قائمة حتى زمانه، وأن يجمع منها تاريخا متكاملا لوطنه، هذا إضافة إلى سبعة كتب أخرى، جاءنا منها فقط بعض أسمائها، ومنها «تون فيزيكون أبيتومه» وخصصه للاهوت المصري والقصص الديني في التكوين والخلق، وكتاب «في صنع بخور المعابد»، وكتاب في التقويم المصري والتقسيم الزمني بعنوان «كتاب الشعرى اليمانية سيتوس»، إلا أن الكتاب الذي حاز الشهرة، ونقل عنه المؤرخ اليهودي «يوسفيوس»، ويعد عمله الرئيس، هو كتاب تاريخ مصر «إيجبته ياكا»، وهو مصنف في مجلدات ثلاثة، يغطي المجلد الأول منها تاريخ الأسرات المصرية الحاكمة الأولى، من الملك «مينا» موحد القطرين حتى الأسرة الحادية عشرة، ويتناول المجلد الثاني المساحة الزمنية الممتدة ما بين الأسرة الحادية عشرة وبين الأسرة العشرين، ثم يتابع معالجة بقية الأسرات في المجلد الثالث، الذي ينتهي عند حكم آخر ملك مصري وطني، وهو الذي أسماه «نيكتا نيبوس».
وقد ألف «مانيتو» كتابه «إيجبته ياكا» باللغة اليونانية، لكن لسوء الحظ لم تصلنا منه أية نسخة، سوى تلك الشذرات التي نقلها عنه «يوسفيوس» في كتابه «الرد على آبيون»، إضافة إلى ما نقله آخرون مثل «يوليوس الأفريقي/أفريكانوس» (ت 220م)، و«سنكلوس» (ت 800م) في كتابه «تاريخ العالم من الخليقة حتى دقلديانوس».
ومن الجدير بالتنويه هنا، أن خبر نجاسة الجنس الإسرائيلي وإصابته بأوبئة عدم النظافة، لم يكن بدعا من «آبيون» المصري، حيث نجد بعد ذلك حوالي عام 900م، ترجمة عربية لكتاب قديم ألفه كاهن كنسي هو «هروشيوش» أو «أورسيوس» باسم «تاريخ العالم»، بتكليف من القديس المسيحي «أوغسطين» شخصيا، يقول فيه «هروشيوش» نقلا عن مؤرخ قديم باسم «قرناليس »:
قال قرناليس: اتفقت دواوين أصحاب الأمر، على أنه أصابت القبط (المقصود هنا المصريين [المؤلف]) جوائح أفسدت أبدانهم، وشوهت أجسامهم، وأن ملكهم بخوريم
Boccorim
رأى أن يعالج ذلك «بنفي من ظهرت عليه الجائحة» فتجمعت من المنفيين جماعات، كان على رأسهم رجل يدعى موسى، حضهم على أن يتخلوا عن الاستنصار بالأوثان، ويتبرءوا من عبادتها، ويفوضوا أمرهم لرب السماء لينصرهم ويشفيهم من دائهم.
1
والواضح في تأريخ «هروشيوش»، أنه لا يرى الإسرائيليين جنسا يتميز بذاته، قدر ما يحتسبهم «صنفا من المصريين» أصابهم وباء معد، فنفاهم أهلوهم خارج البلاد، تحسبا من انتشار المرض بين بقية المصريين.
وفي رده على «آبيون»، يؤكد لنا «يوسفيوس» أنه سينقل عن «مانيتو» المصري بكل أمانة، حتى إنه سينقل ذات الكلمات بالحرف، وهو بصدد ذلك يروي الراوية التالية: «توتيمايوس» في عهده، لسبب لا أعرفه، حلت بنا ضربة الإله، وفجأة، تقدم في ثقة بالنصر، غزاة من إقليم الشرق، من جنس غامض، إلى أرضنا، واستطاعوا بالقوة أن يتملكوها بسهولة، دون أن يضربوا ضربة واحدة.
ولما تغلبوا على حكام الأرض، أحرقوا مدننا بغير رحمة، وقوضوا أرض معابد الآلهة، وعاملوا المواطنين بعدوان قاس، فذبحوا بعضهم، وساقوا زوجات آخرين وأطفالهم إلى العبودية، وأخيرا عينوا واحدا منهم ملكا يدعى «سالاتيس»، وكان مقره ممفيس، ففرض الضرائب على مصر العليا والسفلى، وكان يخلف وراءه حاميات في الأماكن الهامة.
Página desconocida