El Profeta Ibrahim y la Historia Desconocida
النبي إبراهيم والتاريخ المجهول
Géneros
وبالربط بين الروايتين نفهم أن الجراهمة هم نسل عجيب لآباء سماويين ونساء أرضيات، أو ثمرة الزواج بين أبناء الله وبنات الأرض، وأن هذا النسل عرف بالطغيان والجبروت، وأن هؤلاء الجبابرة كانوا «منذ الدهر ذوي اسم»، أي معروفين منذ بداية الأزمنة.
ولا نرى في تلك الروايات سوى تصديق لتفسيرنا، فقد ذهب العقل حينذاك إلى احتساب هؤلاء جبابرة أو عمالقة، مع ملاحظة تشابه التعبير التوراتي «جبابرة» مع التعبير العربي «جراهمة»، إضافة إلى إشارة مهمة وخطيرة، فالمعلوم أن المصريين القدماء قد اعتقدوا أن الملك هو ابن الإله وممثله على الأرض، وكانت هذه صفة متواترة، معلومة عنهم،
25
ومن ثم كان ممكنا أن يتصور أهل الجزيرة ضيوفهم في أبهتهم وعبادتهم نماذج إلهية، عضدها الاعتقاد المصري، وذلك يفسر لنا أيضا لماذا اعتبر جراهمة الجزيرة، أو جبابرتها أو عمالقتها من نسل مصري؟ ولماذا احتسبوا عمالقة؟ ولا يفوتنا الاعتقاد العربي في كون جرهم أهبط تلك البلاد لذنب أصابه، مما يشير إلى لجوء عظماء للمنطقة هربا من مطاردة في الأرض الأم، إضافة إلى قول التوراة عن أن الناس بدءوا يكثرون في الأرض، مما يشير إلى توافد أعداد غفيرة إلى المنطقة، وأن هذا التوافد المهاجر كان لأناس يعرفهم الجميع ويعلمهم الدهر، فهم «الذين منذ الدهر ذوو اسم».
فراعنة اليمن
وإذا كنا قد اتفقنا مبدئيا، ولو بصفة مؤقتة، أن النبي إبراهيم عندما غادر مصر، ترافقه زوجته سارة وهاجر المصرية، وابن أخيه لوط، قد اتجهوا جنوبا إلى جزيرة العرب، فأول ما تصف التوراة وجهتهم تقول: إنها إلى أرض «كجنة الرب كأرض مصر» (تكوين 13)، والتعبير يحمل معنى التشابه البيئي، وربما تشابه المسمى أيضا، وهو ما لا يتطابق مع أرض الحجاز، الوادي غير ذي زرع.
وهنا نقف مع الحافظ ابن كثير لنجده يتابع النص الظاهري للتوراة، فيقول: «ثم إن الخليل عليه السلام، رجع من بلاد مصر إلى أرض التيمن، وهي الأرض المقدسة التي كان فيها، ومعه أنعام ومال جزيل»،
1
ويلحظ ابن كثير أنه قد أورد في حديثه كلمة، ربما كانت غريبة على مسامع قارئه هي «التيمن»، فيستدرك موضحا: «التيمن تعني أرض بيت المقدس»،
2
Página desconocida