فهذه طريقة القوم في هذا، وهذا مذهب سائر الأمم.
وأما قول أبي تمام:
وربما عدلت كف الكريم عن ال ... قوم الحضور، ونالت معشرًا غيبا
فليس هو من بيته الأول في شيء، وقد أدرك فيه الغرض، كأنه يعذر من فعل هذا: أي ربما اتفق أن يفعله من غير قصد أيضًا، وليس هذا بمحمود.
وقد ذهب البحتري إلى نحو ما ذهب إليه أبو تمام فقال:
بل كان أقربهم من سيبه نسبًا ... من كان أبعدهم من جذمه رحما
إلا أنه لم يخرجهم من معروفه، وإن كان أيضا قد دخل تحت الإساءة.
ونحو هذا قول البحتري أيضا:
إذا قسمه عدلًا: ففيكم نواله، ... وفي سر نبهان بن عمرو مآثره
وما عجبٌ أن تشهدوا الطعن دونه ... وما عشرتكم في نداه عشائره
فأي قسمة عدل ههنا: أن يجعل نداه في غير قومه، ويقتصر بهم على أن يحوزوا الفخر بمآثره؟ وإن كان قد دل بقوله " وما عشرتكم في نداه عشائره " على أنه لم يحرمهم نواله البتة.
والأحسن في هذا قوله:
فإن تنفرد عنا قشيرٌ بمجده ... فلم تنفرد عنا بنائله الجزل