217

Las Concordancias

الموافقات

Investigador

أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان

Editorial

دار ابن عفان

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

يَخْرُجِ الْعَقْلُ عَنْ مُقْتَضَى النَّقْلِ بِوَجْهٍ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لَمْ يَصِحَّ قِيَاسُ الْمُجَاوِرَةِ١ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَإِنَّ إِلْحَاقَ كُلِّ مُشَوِّشٍ بِالْغَضَبِ مِنْ بَابِ الْقِيَاسِ، وَإِلْحَاقَ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ بِالْمَنْطُوقِ بِهِ بِالْقِيَاسِ سَائِغٌ، وَإِذَا نَظَرْنَا إِلَى التَّخْصِيصِ بِالْغَضَبِ الْيَسِيرِ؛ فَلَيْسَ مِنْ تَحْكِيمِ الْعَقْلِ، بَلْ مِنْ فَهْمِ مَعْنَى التَّشْوِيشِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْغَضَبَ الْيَسِيرَ غَيْرُ مُشَوِّشٍ؛ فَجَازَ الْقَضَاءُ مَعَ وُجُودِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي الْخِطَابِ. هَكَذَا يَقُولُ الْأُصُولِيُّونَ فِي تَقْرِيرِ هَذَا الْمَعْنَى، وَأَنَّ مُطْلَقَ الْغَضَبِ يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ، لَكِنْ خَصَّصَهُ الْمَعْنَى. وَالْأَمْرُ أَسْهَلُ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَى تَخْصِيصٍ؛ فَإِنَّ لَفْظَ غَضْبَانَ وَزْنُهُ فَعْلَانُ، وَفَعْلَانُ فِي أَسْمَاءِ الْفَاعِلِينَ يَقْتَضِي الِامْتِلَاءَ مِمَّا اشْتُقَّ مِنْهُ؛ فَغَضْبَانُ إِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمُمْتَلِئِ غَضَبًا؛ كَرَيَّانَ فِي الْمُمْتَلِئِ رِيًّا، وَعَطْشَانَ فِي الْمُمْتَلِئِ عَطَشًا، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، لَا أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي مُطْلَقِ مَا اشْتُقَّ مِنْهُ٢، فَكَأَنَّ الشَّارِعَ إِنَّمَا نَهَى عَنْ قَضَاءِ الْمُمْتَلِئِ غَضَبًا؛ حَتَّى كَأَنَّهُ قَالَ: لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ شَدِيدُ الْغَضَبِ، أَوْ مُمْتَلِئٌ مِنَ الْغَضَبِ، وَهَذَا هُوَ الْمُشَوِّشُ، فَخَرَجَ الْمَعْنَى عَنْ كَوْنِهِ مُخَصِّصًا، وَصَارَ خُرُوجُ يَسِيرِ الْغَضَبِ عَنِ النَّهْيِ بِمُقْتَضَى اللَّفْظِ، لَا بحكم

١ كذا في الأصل، وفي النسخ المطبوعة "المجاوزة" بالزاي. ٢ ممن صرح بهذا المعنى عز الدين ابن جماعة؛ فقال في "كشف المعاني" "ص٨٥" موجها تقديم الرحمن على الرحيم في البسملة: إن فعلان صيغة مبالغة في كثرة الشيء وعظمه والامتلاء منه، ولا يلزم منه الدوام؛ كغضبان، وسكران، ونومان، وصيغة فعيل لدوام الصفة ككريم، وظريف؛ فمعنى الرحمن الرحيم: العظيم الرحمة، الدائمها. قلت: انظر: "نظم الدرر" "١/ ٢٦" للبقاعي.

1 / 134