204

Las Concordancias

الموافقات

Editor

أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان

Editorial

دار ابن عفان

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1417 AH

مِمَّا صَحَّ كَوْنُهُ مِنَ الْعُلُومِ الْمُعْتَبَرَةِ، وَالْقَوَاعِدِ الْمَرْجُوعِ إِلَيْهَا فِي الْأَعْمَالِ وَالِاعْتِقَادَاتِ، أَوْ كَانَ مُنْهَضًا إِلَى إِبْطَالِ الْحَقِّ وَإِحْقَاقِ الْبَاطِلِ عَلَى الْجُمْلَةِ؛ فَهَذَا لَيْسَ بِعِلْمٍ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى أَصْلِهِ بِالْإِبْطَالِ، فَهُوَ غَيْرُ ثَابِتٍ، وَلَا حَاكِمٍ، وَلَا مُطَّرِدٍ أَيْضًا، وَلَا هُوَ مِنْ مُلَحِهِ؛ لِأَنَّ الْمُلَحَ هِيَ الَّتِي تَسْتَحْسِنُهَا الْعُقُولُ، وَتَسْتَمْلِحُهَا النُّفُوسُ؛ إِذْ لَيْسَ يَصْحَبُهَا مُنَفِّرٌ، وَلَا هِيَ مِمَّا تُعَادِي الْعُلُومَ؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ أَصْلٍ مَبْنِيٍّ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ، بِخِلَافِ هَذَا الْقِسْمِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.
هَذَا وَإِنْ مَالَ بِقَوْمٍ فَاسْتَحْسَنُوهُ وَطَلَبُوهُ؛ فَلِشِبْهِ عَارِضَةٍ، وَاشْتِبَاهٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ، فَرُبَّمَا عَدَّهُ الْأَغْبِيَاءُ مَبْنِيًّا عَلَى أَصْلٍ، فَمَالُوا إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ، وَحَقِيقَةُ أَصْلِهِ وَهْمٌ وَتَخْيِيلٌ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، مَعَ مَا يَنْضَافُ إِلَى ذَلِكَ مِنَ الْأَغْرَاضِ وَالْأَهْوَاءِ؛ كَالْإِغْرَابِ بِاسْتِجْلَابِ غَيْرِ الْمَعْهُودِ، وَالْجَعْجَعَةِ بِإِدْرَاكِ مَا لَمْ يُدْرِكْهُ الرَّاسِخُونَ، وَالتَّبَجُّحِ بِأَنَّ وَرَاءَ هَذِهِ الْمَشْهُورَاتِ مُطَالَبَ لَا يُدْرِكُهَا إِلَّا الْخَوَاصُّ، وَأَنَّهُمْ مِنَ الْخَوَاصِّ ... وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَحْصُلُ مِنْهُ مَطْلُوبٌ، وَلَا يَحُورُ١ مِنْهُ صَاحِبُهُ إِلَّا بِالِافْتِضَاحِ٢ عِنْدَ الِامْتِحَانِ، حَسْبَمَا بَيَّنَهُ الْغَزَّالِيُّ٣، وَابْنُ الْعَرَبِيِّ٤، وَمَنْ تَعَرَّضَ لِبَيَانِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِمَا.
وَمِثَالُ هَذَا الْقِسْمِ مَا انْتَحَلَهُ الْبَاطِنِيَّةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ إِخْرَاجِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ، وَأَنَّ الْمَقْصُودَ وَرَاءَ هَذَا الظَّاهِرِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى نَيْلِهِ بِعَقْلٍ وَلَا نَظَرٍ، وَإِنَّمَا يُنال مِنَ الْإِمَامِ الْمَعْصُومِ، تَقْلِيدًا لِذَلِكَ الْإِمَامِ، واستنادهم -في جملة من دعاويهم- إلى

١ أي: يرجع، انظر: "مختار الصحاح" "ح ور"، وبالأصل: "يجوز"، وفي "ط": "يحلا".
٢ في "ط": "بافتضاح".
٣ انظر: "إحياء علوم الدين" "كتاب العلم، بيان القدر المحمود من العلوم المحمودة" "١/ ٤١".
٤ انظر: "قانون التأويل" "ص١٩٦-١٩٧".

1 / 121