** 41 مسألة :
من قائل : ( قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون ) [70] فبين أن الاهتداء يقع منهم بمشيئة الله تعالى.
والجواب عن ذلك : أن ظاهره يدل على أنه تعالى إن شاء اهتدوا ، ولا يدل على غير ذلك. وهذا قولنا ؛ لأنه عز وجل لو لم يكلف الاهتداء لم يصح من العبد أن يفعله ، وإنما يصح ذلك متى جعله تعالى بحيث يمكنه أن يهتدى ، وشاء ذلك منه ، فهذا قولنا فى الطاعات كلها ، فلا يصح تعلقهم به.
وبعد ، فإن العادة فى الخطاب جارية فى أن الإنسان لا يخبر عن المستقبل إلا ويعلق ذلك بالمشيئة ، فلذلك قال تعالى : ( وإنا إن شاء الله لمهتدون )، ولا يدل ذلك على مشيئة حاصلة فى اللغة ، وإنما الغرض إخراج الخبر من أن يكون قاطعا من حيث لا يعلم أحدنا الأحوال فى المستقبل ، فيقيد بذلك.
** 42 دلالة :
عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ) [79] يدل على أن هذه الأفعال ليست من خلقه تعالى ؛ لأنه لو كان قد خلقها لم يصح أن تنفى عنه ؛ لأن أقوى الإضافات فى الفعل أن يضاف إلى فاعله ، فلو كان تعالى خلق ما كتبوه لما صح أن ينفيه عن نفسه ، مع أنه الذى خلقه وأوجده.
فإن قال : أولستم قد تضيفون إليه الطاعة وإن لم يفعلها؟
Página 96