الظاهر ، فلا يمتنع أن يكون تعالى قد شاء من جميعهم الهدى ، على جهة الاختيار ويقول مع ذلك : ولو شاء أن يلجئهم إلى الهدى لجعلهم أمة واحدة (1).
وبعد ، فإنه تعالى لم يبين « الوجه الذى جعلهم أمة واحدة فيه ، فمن أين أن المراد بذلك الهدى دون أن يكون المراد سائر ما تجتمع الجماعات فيه (2). ولو أن قائلا قال : أراد تعالى بذلك : أنه لو شاء أن يسوى بينهم فى العقل والحياة والقدرة لجعلهم أمة واحدة ، لكان حاله كحال المخالف إذا استدل بذلك على الهدى ، وليس بعد ذلك إلا التنازع فى تأويله ، وقد دللنا عليه من قبل ، وقد بينا أن الضلال من الله هو العقاب ، وأن من استوجبه يضله إن شاء ، ويهدى إلى الثواب من « شاء ممن (3) يستحق ذلك ، ولو أنه تعالى جعلهم مختلفين فأضل البعض وهدى البعض ، لما جاز أن يقول فى آخر الآية : ( ولتسئلن عما كنتم تعملون ) (4).
** 413 مسألة :
فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) [98].
ولو لا ذلك لم يكن للاستعاذة بالله من شر الشيطان معنى (5)
والجواب عن ذلك : أن ظاهره إنما يدل على أنه تعالى أمر بالاستعاذة منه بالله تعالى. فمن أين أنه تعالى هو الخالق (6) لأفعالنا! وقد بينا من قبل أن الأمر
Página 451