387 مسألة : قالوا : ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أن المعاصى من عنده ، فقال : ( وإن من شيء إلا عندنا خزائنه ) [21].
والجواب عن ذلك : أن ظاهره يقتضى أنه لا شيء إلا وله عند الله (1) مكان ، لأن الخزائن هى الأماكن التى تدخر فيها الأشياء ، وهذا لا يصح فى أفعال العباد ؛ لأنه لا يمكن فيها أن تكون فى مكان ، ولا يصح أيضا قبل وقوعها من العباد أن تكون موجودة ، فضلا عن أن تكون فى مكان ، يبين ذلك أنه تعالى قال بعده : ( وما ننزله إلا بقدر معلوم ) (2) فيجب أن يكون المراد به ما يصح أن ينزل ، وذلك لا يصح فى أفعال العباد : فلا بد إذا من تأويله على خلاف الظاهر. فبطل تعلقهم!
والمراد بذلك : ما ينزله تعالى من الغيث الذى يحمله السحاب ، ولذلك قال تعالى بعده : ( وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه ) [22].
ومتى حمل على هذا الوجه حمل على ما يصح كونه فى الأماكن ، ويصح فيه (3) الإنزال ، ولذلك قال تعالى بعده : ( فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين ) (4) فنبه على أنه تعالى خزنه فى مكان مخصوص ثم أنزله ، وأنه ينزل ذلك بقدر الحاجة إليه ، على ما قال : ( وما ننزله إلا بقدر معلوم ).
ولو حمل على سائر ما يريده تعالى من أمر العباد ، ويكون المراد بذكر
Página 427