ثم يقال للقوم : لو كان ما ذكرتموه يدل على أن المكر من قبله لما جاز أن يضيفه إليهم ، فيقول : مكرهم ، ولما جاز أن يذمهم عليه! وذلك يدل على ما قلناه فى تأويله.
وبعد ، فإنه تعالى نسب المكر إليهم ، ثم بين أنه عنده (1)، فإن أراد به أنه فعله أدى ذلك إلى التناقض من حيث يوجب أن يكون مكرهم ، ويكون فعلا له تعالى ، وإن كان كذلك فإضافته إليه لا وجه له!
وبعد ، فإن « عند ) لا تستعمل إلا فى موجود ، لأن المعدوم لا يصح ذلك فيه إلا مجازا ، فإذا صح ذلك ، ثم وقع منهم المكر ووجد ، فيجب أن يكون فى تلك الحال عنده تعالى ، وفى تلك الحال قد خرج من أن يكون فعلا له ، وذلك يوجب إثبات الفعل فى حال يجب نفيه ، وهذا محال ، فيجب أن يكون المراد بالظاهر ما قلناه.
** 382 مسألة :
وبرزوا لله الواحد القهار ) (2).
والجواب عن ذلك : أن ظاهره لا يدل على ما توهموه ؛ لأنه لم يقل : برزوا إليه ، فيقرب أن يكون له ظاهر ، وإنما قال : برزوا له ، وهذا قد يذكر ويراد به الغرض ، كما يقول القائل : صليت لله ، وحججت له ، وطفت. والمراد بذلك أنه فعل ذلك لأجله على جهة التقرب. فمن أين أن ظاهر ذلك أنهم ظهروا له فى مكان واحد؟
Página 421