والاستطاعة على كل حال ، فتعلقهم بالظاهر لا يصح ، وإنما كان يصح ذلك لو نفيت الاستطاعة عما يصح أن يقدر عليه العبد (1) ويفعله.
وبعد ، « فإنهم قد ذموا بأن وصفوا (2) بأنهم لا يستطيعون السمع ، ولو أريد به نفى الاستطاعة لم يستحقوا الذم بذلك ؛ لأن أحدنا لا يذم على أن لم يخلق فيه القدرة والحياة ، وإنما يذم على أفعاله ، فإذن يجب أن يكون المراد بالآية أنهم كانوا يستثقلون الاستماع إلى ما يرد عليهم من الحجج والأدلة ، ويقل اكتراثهم به وقبولهم له. وهذا ظاهر فى الشاهد ؛ لأن المعرض عن سماع كلامنا المستثقل له قد يقال فيه : إنك لا تستطيع أن تسمع الحق ، ولا أن تقبله. ومتى حمل على هذا صح جعله ذما لهم ، على ما قد بيناه.
وقوله تعالى : ( وما كانوا يبصرون ) مع علمنا من حالهم بأنهم كانوا يرون ، يدل على ما قلناه ؛ لأن المراد بذلك أنهم فى حكم من لا يبصر ، من حيث لم ينتفع بما يرى ويسمع ، على ما بيناه فى شواهده من قبل.
** 342 مسألة :
: ( ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم ) (3).
والجواب عن ذلك : أن ظاهره لا يدل على أنه تعالى قد فعل الغواية ، وإنما يدل على أن نصحه لا ينفع إن كان تعالى يريد ذلك ، وهل يريده ويفعله أم لا؟ لا يتناول من الظاهر ولا يدل عليه ، فالتعلق به بعيد!
Página 378