353

على وجوب النظر ، وأنه يفضى إلى المعرفة والحق ؛ لأنه نبه بهذه الآية على الدلالة ، فى الوجه الذى قد ذكره ، وتقصى وجه دلالة ذلك يطول ، فلذلك عدلنا عنه (1).

** 313 مسألة :

إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا ) [7].

والجواب عن ذلك قد تقدم (2)؛ لأنه تعالى جعل لقاء ما وعد به لقاء له ، على جهة التوسع ، كما جعل الهجرة إلى حيث أمر هجرة إليه ، والدعاء إلى ما أمر به دعاء إليه ، بقوله : ( وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار ) (3) و ( إني مهاجر إلى ربي ) (4) على أن ظاهر القول يقتضى ما قلناه ؛ لأن من حق الرجاء أن لا يدخل إلا (5) فى المنافع الواصلة إلى الخائف ، ولذلك لا يستعمل الرجاء فى خلاف هذا الوجه إلا على وجه (6) التوسع ، فإذا صح ذلك لم يمكن حمل الآية على رجاء (7) لقائه فى الحقيقة ، لأن ذلك ليس ينفع ، ووجب حمله على لقاء (8) ما وعد من الدرجات الرفيعة ، إلا أن يرتكب مرتكب فيقول فى الله تعالى : إنه ينتفع برؤيته ، وذلك يوجب أنه ممن يشتهى النظر إليه ، أو يلحق القلب عليه الرحمة والرقة ، لأن أحدنا لا يصح أن يلتذ وينتفع بالنظر إلى الغير إلا على أحد هذين الوجهين ، ومن قال ذلك فى الله تعالى فقد ألحد فى الدين.

Página 354