335

لهم وخبر عن وقوعه ، وهذا قولنا. وإنما الخلاف فى هل يقدر على خلاف ما علمه تعالى وكتبه ، وهل يحسن التعبد به ، وليس فى ظاهر الكلام بيان ذلك فلا يصح تعلقهم به.

وقد بينا أنه لو كان لا يقدر العبد على خلاف ما علمه تعالى وكتبه ، لوجب أن يكون كالمحمول على ذلك وكالممنوع من خلافة ، وأن يكون هذا حال القديم تعالى فيما يقدر عليه من المتضادات وتقديم الأمور وتأخيرها ، وبينا أن ذلك يوجب كونه تعالى فى حكم المجبر على الفعل المحمول عليه ، فضلا عن العبد!

والمراد بالآية ما ينزل بالعبيد من الرخاء والشدة : لأنه تعالى قال قبله : ( إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ) (1) ثم بين تعالى أنه لا يصيبهم إلا ما كتبه وقدره ، مما علمه صلاحا وأنه لا معتبر بقولهم ولا بفرحهم وبجزعهم.

** 294 دلالة :

قوما فاسقين ) [53]. يدل على أن إنفاقهم لا يتقبل ولا يستحق به الثواب لمكان فسقهم ، لأن قوله : ( إنكم كنتم قوما فاسقين ) عقيب ذلك يقتضى أن له به تعلقا ، ولا يكون كذلك إلا أن نجعله كالعادة فى أنه لن يتقبل منهم ، وهذا يقتضى ظاهره أن الفاسق مع فسقه لا تقبل منه الطاعة.

فإن قال : إن الآية واردة فى المنافقين والكفار ، فيجب أن يكون التقبل إنما لا يقع فيهم (2)!

Página 336