على قولهم قد صرف عنها من لم يكذب ولم يتكبر ، ممن يبتدئ بالكفر ويرتد بعد إيمان ، وهذا ظاهر.
** 264 مسألة :
تعالى ( فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين ) [166].
والجواب عن ذلك : أن لفظة الأمر قد تنصرف على وجوه ، وإنما تكون أمرا متى أراد الآمر « ما تناوله من الأمور (1) وليس فى الناس من يقول إنه تعالى يأمر المكلف بأن ينقلب من حال إلى حال فى الخلقة ، فالتعلق بظاهر ذلك لا يصح!
والمراد به أنه تعالى جعلهم قردة خاسئين بأن أراد ذلك فكان (2)، فأجرى عليه هذا القول على طريقة اللغة ، كما يقول القائل : قلت للقلم اكتب فكتب ، إذا استجاب له فيما أراده. وكقوله :
وقالت له العينان سمعا (3) وطاعة.
وكقوله تعالى فى السموات والأرضين : ( قالتا أتينا طائعين ) (4).
وقد بينا أنه تعالى لا يحتاج فى إيجاد ما يفعله إلى أن يقول له : كن ، بما فيه مقنع (5)، وإن دل ذلك على تكليف ما لا يطاق ليدلن على تكليف العاجز والجماد والمعدوم ، وذلك مما لا يرتكبه القوم إلا من فاجر (6) وتهتك ، فقال : إنه تعالى مكلم للكل بقوله لهم : كونوا ، وأن ذلك بمنزلة الأمر ، وذلك سخف من قائله ، ولا وجه للتشاغل به.
Página 301