الاختيار والطوع (1)، وقد يصح أن يشاء على جهة الحمل والإكراه ، وبينا أنهما كالمتنافيين ؛ لأنه لا يصح أن يشاء منهم الهدى على كلا الوجهين ، وبينا أن ما هذا حاله لا يصح أن يحمل النفى فيه على العموم ، فلا يصح تعلقهم بالظاهر.
وبعد ، فإنه تعالى « إنما نفى أن يجمعهم على الهدى ، ولم ينف أن يشأ أن يجتمعوا على الهدى. وجمعه (2) لهم على غير اجتماعهم ، لأن ذلك فعله وهذا فعلهم ، فلا يصح تعلقهم بالظاهر.
وبعد ، فقد بينا أن حقيقة الهدى ليس هو الإيمان ، ومتى حمل عليه فهو مجاز ، فهذا أيضا يمنع من تعلقهم بالظاهر ، ويوجب حاجة القوم إلى الدخول تحت التأويل.
والمراد بالآية : أنه تعالى وجد نبيه عليه السلام شديد الحرص على إيمانهم ، فبين له أن ذلك لا يدخل فى مقدوره ، وإنما يتعلق باختيارهم ، أو بأن يلجئهم تعالى إليه : فقال : ( وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء ) بأن يبلغ غايته ( فتأتيهم بآية ) (3) « لم يكونوا ليؤمنوا (4) عندها على الحد الذى أردته ، وجعل ذلك كالإنكار على الرسول عليه السلام ، أو بمنزلة التسلية له ، ثم قال تعالى : ( ولو شاء الله لجمعهم على الهدى ) مبينا بذلك أنه المقتدر على ذلك ، لكنه لو فعل لزال التكليف ، ولما نفعهم إيمانهم واهتداؤهم ، كما قال تعالى : ( فلم يك ينفعهم
Página 244