إماما ، وهو ما عليه من الدين والإسلام والنزاهة والطهارة.
والجواب عن ذلك : أن « ظاهر الآية (1) إنما يدل على أنه جعله إماما ، ولم يذكر ماله صار كذلك ، فمن أين أن المراد به ما يختص بفعله دون ما يختص بفعل الله تعالى فيه ، مع علمنا أن الكلام يحتمل الأمرين على سواء؟.
والمراد بذلك : أنه تعالى جعله نبيا ، وكونه نبيا من فعله تعالى ؛ لأنه لو لا إرساله تعالى له وإظهار المعجز « عليه لم يختص بذلك ، فما به صار نبيا من فعله تعالى ، وهو الذى جعله كذلك ، وصار إماما من حيث كان نبيا ، فنحن متمسكون بالظاهر على هذا التأويل. وعلى أن الزام الغير التأسي به (2) هو الذى له يكون إماما ، وهذا أيضا من فعله تعالى ، وإن كان لا يكون كذلك إلا بأفعاله.
ثم يقال للقوم : إن جعله تعالى (3) إياه إماما يقتضى التعظيم والتبجيل ، فكيف يصح أن يقال : إن ذلك من قبله تعالى ، ولو لم يكن هو الفاعل المختار لما يختص به من الطاعة والنزاهة والأحوال العظيمة ، لم يحسن أن يعظم بأن يجعل إماما للناس.
ثم يقال لهم : إن الأنبياء إذا جعلهم تعالى أئمة وقدوة ، فقد دل ذلك على أن العبد هو المختار ؛ لأنه تعالى إذا (4) اضطرهم (5) إلى الطاعة أو المعصية ، فسواء دعاهم النبى أم لا ، وسواء كان إماما أم لم يكن ؛ لأن ذلك لا يؤثر فى نفوذ إرادته (6) إذا أراد. فإن أراد تعالى خلق الكفر فيهم فالدعاء والإنذار لا ينفع. وإن أراد خلق الإيمان فيهم فكمثل.
Página 109