وينقسم السحر : ففيه ما هو كفر ، وهو ما يدعون من أنه يمكنهم إحياء الموتى بالحيل ، وطى البلاد ، وأن يزيلوا عن المصروع ما نزل به فى الوقت من غير تداو ، وأن يقرعوا الصحيح السليم ، وإنما صار ذلك كفرا ؛ لأن معه لا يمكن التمسك بالنبوات ، لأنه متى جوز فى ذلك وإن كان فيه نقض عادة وكان من الباب الذى يتعذر على الناس فعل مثله أن يكون من فعل السحرة ، جوز فى الأنبياء ، صلوات الله عليهم ، أن يكونوا محتالين وإن كانوا فعلوا المعجزات ، ولا يمكن مع ذلك العلم بالنبوات ، ولا بالفرق بين ما يختص تعالى بالقدرة عليه وبين مقدور العباد. وهذا كفر ، فلذلك قال كثير من الفقهاء فى الساحر : إنه يقتل إذا اعترف بالسحر فى الحقيقة ، على هذا الوجه. فأما السحر الذى يجرى مجرى الشعبذة والحيل المفعول بخفة اليد إلى ما شاكله ، فذلك ليس بكفر وإن كان معصية ، وجميعه منفى عن الله تعالى أن يكون خالقا وفاعلا [ له ] وإن كان لا ينفى عنه الدلالة عليه والتعريف لكى يجتنب ويتقى.
وذكر أبو مسلم (1) رحمه الله فى كتابه أن المراد بقوله : ( واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان )، أنهم اتبعوا ما كذبوا فيه على سليمان وعلى ما أنزل على الملكين فعطف بما (2) أنزل على الملكين على ملك سليمان ، من حيث اجتمعا « فى أن (3) الشياطين كذبوا عليهما جميعا ، وإن كان أحدهما قد انقطع عن الآخر بكلام تخللهما ، وذلك غير ممتنع فى اللغة (4) ، وقوله عز وجل :
Página 102