قالت للفتاة الأخرى: «سأذهب إلى دورة المياه.»
تصورت روز نفسها وهي تعمل في الكافتيريا، وقد بدا جسدها الممتلئ بالفعل أكثر بدانة في الزي القطني الأخضر الموحد للكافتيريا، وقد تحول وجهها للحمرة، وقسا شعرها نتيجة للحرارة. تخيلت تقديمها صحون اليخنة والدجاج المحمر لمن هم على درجة أقل من الذكاء ومستوى أعلى من الدخل، تصورت نفسها محاصرة بطاولات تقديم الطعام، والزي الموحد، والعمل الشاق المحترم الذي لا يجب لأحد أن يخجل منه، ويظهر عليها الذكاء والفقر البادي للجميع. يمكن للشباب التأقلم مع ذلك ... بالكاد. أما الفتيات، فهو وضع مهلك لهن. فقر الفتاة ليس بالأمر الجذاب، إلا إذا صاحبه جاذبية جنسية أو غباء. والذكاء ليس جذابا أيضا، إلا إذا ارتبط ببعض ملامح الأناقة والمنزلة الاجتماعية الرفيعة. هل كان ذلك صحيحا؟ وهل كانت روز بالحماقة التي تجعلها تهتم بذلك؟ الإجابة في الحالتين هي «نعم».
عادت روز للطابق الأول حيث ازدحمت القاعات بالطلاب العاديين، الذين لم يحصلوا على منح دراسية ولم يكن من المنتظر منهم الحصول على الامتياز دوما، والشعور بالامتنان والعيش بتكاليف زهيدة. تجولوا مرتبكين بمظهرهم البريء المثير للحسد حول موائد التسجيل، مرتدين ستراتهم البيضاء والأرجوانية الجديدة، وقبعات الطلاب المستجدين الأرجوانية. أخذوا يصيحون بعضهم لبعض بتذكيرات، ومعلومات ملتبسة، وإهانات حمقاء. سارت روز بينهم وبداخلها شعور مرير بتفوقها عليهم وقنوطها في الوقت نفسه. ظلت تنورة الطقم الأخضر الذي كانت ترتديه والمصنوع من المخمل المضلع تلتصق بساقيها أثناء سيرها. كانت خامة القماش خفيفة؛ ربما كان يجب عليها إنفاق مبلغ أكبر لشراء خامة أثقل . وفي تلك اللحظة، فكرت أيضا في أن تفصيل السترة كان سيئا بدوره، مع أنها بدت جيدة في المنزل. الطقم بأكمله صنعته خياطة صديقة لفلو في هانراتي، وقد انصب اهتمامها الأساسي في حياكته على ألا يظهر التصميم أي ملامح للجسد. طلبت منها روز تضييق التنورة، فقالت لها: «لا أظن أنك ترغبين في إظهار مؤخرتك، أليس كذلك؟» ولم ترد روز البوح بأنها لا تهتم.
من الأمور الأخرى التي قالتها لها الخياطة: «اعتقدت أنك بإنهاء المرحلة الثانوية ستحصلين على وظيفة وتساعدين فلو في نفقات المنزل.»
أوقفت إحدى السيدات روز أثناء سيرها في القاعة. «ألست إحدى فتيات المنح الدراسية؟»
كانت سكرتيرة أمين عام الجامعة. ظنت روز أنها ستوبخ لعدم حضورها الاجتماع، وعزمت على القول بأنها شعرت ببعض التوعك. أعدت وجهها لتلك الكذبة، لكن السكرتيرة قالت لها: «تعالي معي الآن. ثمة شخص يرغب في لقائك.»
كانت الدكتورة هينشو تحدث جلبة محبوبة في المكتب. لقد أحبت الفتيات الفقيرات الألمعيات، لكنها كانت تفضلهن جميلات أيضا.
قالت السكرتيرة لروز وهي تتقدمها في السير: «أظن أن ذلك قد يكون يوم حظك، إذا استطعت رسم تعبير أكثر لطفا على وجهك.»
كرهت روز أن يطلب منها أحد ذلك، لكنها ابتسمت مطيعة.
وفي غضون ساعة، نقلت إلى منزل الدكتورة هينشو، واستقرت فيه مع الحواجز الخشبية والمزهريات الصينية، وقيل لها إنها طالبة. •••
Página desconocida