قالت فلو: «أتقصد أولئك المسنين المغفلين؟ عم يتحدثون؟»
كانت ثمة ألفة بينهما، ولم تكن زائفة تماما، لكنها كانت متكلفة بعض الشيء عما يكون الحال بينهما في المعتاد وهما بمفردهما.
أخبرهم الأب حينذاك بأن أولئك المسنين قد توصلوا إلى فكرة بأن ما يبدو كالنجم في غرب السماء - ذلك النجم الذي يظهر بعد الغروب مباشرة، نجم المساء - هو في الواقع منطاد بمحرك يجوب سماء مدينة «باي سيتي» بولاية ميشيجان الأمريكية على الجانب الآخر من بحيرة هورون، وأن هذا المنطاد هو ابتكار أمريكي أطلق في السماء لمنافسة الأجرام السماوية. واتفقوا جميعا على هذه الفكرة، فقد راقت لهم. ويعتقدون أن هذا المنطاد مضاء بعشرة آلاف مصباح كهربائي. اختلف والد روز مع هذه القصة بقوة، مشيرا إلى أن ما رأوه هو كوكب الزهرة الذي ظهر في السماء قبل اختراع المصباح الكهربائي بسنوات طوال. لكنهم لم يسمعوا من قبل عن كوكب الزهرة.
قالت فلو: «جهلة!» وكانت روز تعلم - وتعلم أن والدها يعلم - أن فلو أيضا لم تسمع من قبل عن كوكب الزهرة. ولإلهائهم عن ذلك، أو حتى للاعتذار عما صدر منها، وضعت فلو فنجان الشاي الذي كانت تشربه، واسترخت برأسها لتسنده على الكرسي الذي كانت تجلس عليه، وألقت بقدميها على كرسي آخر (وتمكنت على نحو ما من دس فستانها احتشاما بين ساقيها في الوقت نفسه)، واستلقت متيبسة كاللوح الخشبي، فصاح براين مبتهجا: «لتفعليها! لتفعليها!»
تمتعت فلو بأطراف مرنة وقوية للغاية ، وفي أوقات الاحتفالات أو الطوارئ، كانت تقوم بحيل باستخدام هذه المرونة.
التزم الجميع الصمت، بينما أدارت فلو جسدها دون أن تستخدم ذراعيها على الإطلاق، وإنما مجرد ساقيها وقدميها، وصاح الجميع في ابتهاج، بالرغم من رؤيتهم تلك الحيلة من قبل.
وبينما كانت فلو تؤدي حيلتها، تخيلت روز صورة ذلك المنطاد ذي المحرك؛ فتخيلته فقاعة شفافة طويلة، وله خيوط من الأضواء الماسية تطفو في سماء أمريكا الرائعة.
قال والد روز وهو يصفق لفلو: «كوكب الزهرة! عشرة آلاف مصباح كهربائي!»
خيم شعور بحرية التصرف، والاسترخاء في الغرفة، بل وطغت موجة من السعادة أيضا على المكان. •••
بعد ذلك الحين بسنوات طوال، وفي صبيحة أحد أيام الآحاد، قامت روز بتشغيل المذياع. كان ذلك أثناء إقامتها بمفردها في تورونتو.
Página desconocida