ـ أسرع فإن الشاه يدعوك في هذا الوقت
وكانت المسافة بيني وبين مخيم الشاه فرسخين، فقلت للبريد:
ـ وكيف عادة الشاه إذا أرسل إليه رسول من بعض الملوك، أيطلبه كطلبي هذا من الطريق، أم يبقى مدة ثم يطلبه؟
قال: ما طلب أحدا غيرك من الطريق ولا طلب سواك.
فتحركت السوداء، وقلت في نفسي ما طلبك الشاه مستعجلا إلا ليلجئك على الإقرار والتصديق بمذهب الإمامية، فأولا يرغبك في الأموال فإن أجبته وإلا أكرهك على ذلك، فما رأيك؟ فخرجت على أني أقول الحق ولو كان فيه تلف نفسي، ولا يميلني ترغيب، ولا يزعجني ترهيب. وقلت: إن الإسلام وقف يوم توفي رسول الله ﷺ فمشى بسبب أبي بكر الصديق ﵁ ووقف ثانيا في محنة القول بخلق القرآن، فدرج بسبب أحمد بن حنبل ﵀. وفي هذا اليوم وقف الإسلام ثالثا فإن توقفت وقف وقوفا أبديا (نعوذ بالله من ذلك) وإن درجت درج درجا سرمديا، ووقوفه ودرجه بسبب وقوف أهله ودرجهم. ولا ريب أن أهل تلك الأطراف لهم بهذا الفقير حسن ظن فيعتقدون بي: إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، فجزمت نيتي وحسنت طويتي ووطنت نفسي على الموت حتى استسهلته وقلت: آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره من الله تعالى، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. وسقت دابتي وأنا أكرر الشهادتين، فتراءى لي علمان كبيران رفيعان كالنخلة السحوق فسألت عنهما، فقيل لي: إنهما علما الشاه يغرزهما ليعلم أكابر الجنود كيفية نزولهم في المخيم، فمنهم من ينزل عن يمين
1 / 19