Estudios en Lengua y Literatura
مطالعات في اللغة والأدب
Géneros
إن هذا القديم كان جديدا
وسيبقى هذا الجديد قديما
ليس في ذلك مرية.
ولما كان الله قد من علي بمعرفة بعض اللغات الأوروبية ومطالعة آدابها والبحث في كثير مما يبحث فيه الأدباء الذين منهم صاحب مقالة القديم والجديد في «السياسة» كان لي الحق بأن أقول: ليست لغة من هذه اللغات فوضى يركب الكاتب فيها رأسه كما يشاء، ويغير ويبدل في آدابها وأساليب التعبير فيها ما يشاء بحجة التجديد والمعاصرة؛ بل ثمة قواعد وضوابط لا يمكن الكاتب عندهم أن يتعداها، وإن تعداها قيل لذلك «بربرية»، وإن شئنا أوردنا الشواهد. وأختم أسطري هذه بالاعتراض على جملة جاءت في مقالة كاتب السياسة، وهي: «إن شكيب أرسلان يرى الإطناب خصلة من خصال اللغة العربية قد عمد إليها أكبر الكتاب وأرفعهم قدرا منذ كان النثر العربي إلى الآن، فمن الحق أن نتبع طريقهم في ذلك. ويرى الآخر - أي الأديب السكاكيني - أن الإطناب خصلة من خصال اللغة العربية ولكن له مقامه.»
فليسمح لي الأديب في القول إن هذا تحريف للكلم عن مواضعه، وإن هذا غير جائز؛ خصوصا لمن أراد أن يحرر هذا الخلاف ويقف فيه موقف من يضبط الواقعة؛ إذ إن شكيب أرسلان لم يقل أصلا ولا في موضع من المواضع إن الإطناب خصلة من خصال اللغة العربية ملازمة لها ولا بد منها، لا؛ بل شكيب أرسلان كرر عدة مرات من قبل ومن بعد أن كلا من الإطناب والإيجاز والمساواة له مقام إن عدل به إلى غيره أخل ذلك بالفصاحة، فمن أين جاز لصاحب مقالة السياسة أن يعزو إلي ما لم أقله؟! ويجعل غيري هو القائل لما قلته وأكدته؟ إن كان ذلك صدر منه بدون تثبت ولا إمعان فليس بجائز الحكم قبل مطالعة نص كل من الفريقين، وإن كان بعد المطالعة والتدقيق فتكون المسألة أعظم، على كل حال فلم أفهم سبب هذا الافتئات علي ولا أنا ممن يفتأت بالسهولة عليهم.
نتفة من الشواهد على المترادف
إن هذا ليس بالشيء الذي لا يحصى حتى يجهد الإنسان نفسه في إحصائه؛ بل قلما أخذت يدك كتابا عربيا إلا وجدت هذا المذهب فيه مستفيضا يحاول فيه فصحاء العرب تمكين المعنى في نفس السامع، والتأثير على المخاطب بإبراز المراد في صور متعددة، وليس هذا هو من قبيل: لا آذن ثم لا آذن ثم لا آذن؛ بل هو من قبيل: لا آذن ولا أسمح ولا أرخص، إذا كان المقصود شدة النهي والمبالغة في المنع.
وإنما نأخذ على وجه المصادفة بعض الشواهد من الأولين والمحدثين ليزداد القارئ بصيرة.
قال الزمخشري في مقدمة الكشاف:
وما هي إلا صفات مبتدئ مبتدع، وسمات منشئ مخترع.
Página desconocida