Libro de Al-Mustarsid
كتاب المسترشد
Géneros
باب تفسير قول الله سبحانه { والله بصير بالعباد{ (آل عمران: 20)
والرد على من قال من أهل الإلحاد إنه يبصر بعين كأعين العباد
إن سأل سائل مسترشد عن ذلك أو تعنت متعنت ضال هالك.
قيل له: إن معنى بصير يخرج على معنيين بينين عند أهل العلم نيرين، فأما أحدهما فهو العالم بالأشياء طرا. من ذلك قول العرب: فلان بصير بالفقه والنحو والحساب، بصير بالشعر والكلام في كل الأسباب، يريد أنه به عالم، وبه في كل حال قائم، فعلى ذلك يخرج قول الرحمن ذي الأياد، حين يقول: { والله بصير بالعباد{ يريد عالم بهم، محيط بكل أمرهم، مطلع على خفي سرهم.
والمعنى الآخر فهو: البصر والنظر بالعين، والله عن ذلك بري، وعنه متعال علي، إذ ذلك ومن كان كذلك مشابه للمخلوقين، وقد نفى ذلك عن نفسه رب العالمين حين يقول: { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } [الشورى: 11]، ولو كان كما يقول من كفر بكتابه وجحد بآياته، لكان مشبها لكل ما نراه ونجده، ونحيط به ونعلمه من المبصرين بالأعين من المربوبين، ولو كان ذلك كما يقولون؛ لبطل قوله: { ليس كمثله شيء } [الشورى:11]، ولو بطل من الكتاب شيء يسير لبطل منه الجليل الكبير، ولو بطل بعضه، لأشبه الباطل كله، بل هو يؤكد بعضه بعضا، فلن يبطل منه حرف أبدا، وكيف يبطل أو يتناقض ما أحكمه ذو الجلال والسلطان، وحفظه من كل سوء الرحمن؟! ألا تسمع كيف يقول: { وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد } [فصلت: 42]، ويقول جل جلاله عن أن يحويه قول أو يناله: { بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ } [البروج: 21-22]، فكيف يتناقض أو يبطل ما حفظه الواحد الكريم، وحاطه من كل باطل أو دنس ذميم، ومنعه وحجره عن الشيطان الرجيم ؟! كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا، وجاروا عن قصد الحق جورا شديدا.
Página 190