بها ويستشهدَ بها، فإنه قد يكونُ لذلك الحديثِ ما يَشهَدُ أنه محفوظ، وقد يكونُ له ما يشهد بأنه خطأ، وقد يكونُ صاحبُها كذابًا في الباطن ليس مشهورًا بالكذب، بل يروي كثيرًا من الصدق، فيُروى حديثه، وليس كلُّ ما رواه الفاسق يكون كذبًا، بل يجب التبيُّنُ في خبره كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾، فيروى لتُنظَر سائر الشواهد هل تدلُّ على
الصدق أو الكذب.
وقال ﵀ أيضًا (١): وليس كلُّ ما رواه أحمد في " المسند " وغيره يكون حجةً عنده، بل يروي ما رواه أهلُ العلم، وشرطُهُ في " المسند " أن لا يرويَ عن المعروفين بالكذبِ عنده، وإن كان في ذلك ما هو ضعيف.
وقال الإِمامُ الذهبي عن " المسند " (٢): فيه جملةٌ من الأحاديث الضعيفة مما يَسوغُ نقلُها، ولا يجبُ الاحتجاجُ بها.
وكذلك قال الحافظ العراقي فيما نقله عنه الحافظ ابنُ حجر في " القول المسدَّد " (٣): إن في " المسند " أحاديثَ ضعيفة كثيرة.
وقال الحافظ ابن حجر (٤): و" مسند أحمد " ادَّعى قومٌ فيه الصحةَ، وكذا في شيوخه، وصنَّفَ الحافظُ أبو موسى المَدِيني في ذلك تصنيفًا، والحقُّ أنَّ أحاديثَه غالبُها جياد، والضعافُ منها إنما يُورِدُها للمتابعات، وفيه القليلُ من الضعاف الغرائبِ الأفرادِ، أخرجها، ثم صارَ يضرِبُ عليها شيئًا فشيئًا، وبقي منها بعدَه بقيةٌ.