حاولت أن تبتسم، لكن الموتى في الحلم عادة لا يستطيعون الابتسام؛ لأن هرمونا خاصا بانفراجة الفم في تلك الصورة السحرية لا يتم إنتاجه في الحلم، ثم وقف الموتى صفا واحدا أمامي؛ جدي عبد الكريم، جبران خليل جبران، حبوبة، حريرة، محمد مستجاب، علاء الدين الشاذلي، الكيوكة الصغيرة، قدورة جبرين، نادية، أبو قنبور، محمد عثمان، خديجة، مرجان كافي كانو، محيي جابر عطية، عم موسى، انتصار، أبو ذر الغفاري، علي المك، وولت ويتمان، إخلاص أبو غزالة، عمر إبراهيم، قالوا بصوت واحد: الدنيا زائلة.
قلت لهم: يا أيها الموتى.
قلت لهم اسما اسما: يا أيها الموتى، الدنيا باقية.
وقف سجان نزق بيني ومحمود محمد طه، استل من بين قلبه وعقله محبرة، كان الشيخ نحيفا وجميلا، مكان عينيه الدنيا كلها تزول تدريجيا وتتلاشى، لكن دون انتهاء، قال لي في الحلم: افتتانك بالحق فوت عليك إدراك عين الحق.
قلت له وأنا نائم: سم لي القتلة حرفا حرفا والحق حرفا حرفا، العدل والمظلمة والروح حرفا حرفا.
قال لي في الحلم: اقرأ ذات الشيء يسقط عنك حجاب الشيء حرفا حرفا.
قلت له وأنا نائم: بسم الله الرحمن الرحيم.
قال لي في الحلم وكاد أن يبتسم: إذا ما هو لون الحقيقة؟
قلت له وأنا نائم: أسود.
قال لي في الحلم: إذا ما هو لون العدل والمظلمة والروح؟ ما هو لون مسك الأنفس؟
Página desconocida