Música Oriental: Su Pasado, Presente y Desarrollo Futuro
الموسيقى الشرقية: ماضيها، حاضرها، نموها في المستقبل
Géneros
مقدمة
الموسيقى
نشأة الموسيقى العربية
مبلغ علمنا من الموسيقى في الجاهلية
الألحان العربية القديمة
نواة النهضة الموسيقية العربية
زعيمتا النهضة الموسيقية العربية
العصر المزهر للموسيقى العربية
العصر الذهبي للموسيقى
الموسيقى العربية في الأندلس
Página desconocida
الموسيقى الفارسية
الموسيقى في عهد المماليك
الموسيقى الشرقية في تركيا
الموسيقى من عهد محمد علي باشا إلى الآن
الملحنون وعلماء الفن
كيف ترقى الموسيقى الشرقية؟
مقدمة
الموسيقى
نشأة الموسيقى العربية
مبلغ علمنا من الموسيقى في الجاهلية
Página desconocida
الألحان العربية القديمة
نواة النهضة الموسيقية العربية
زعيمتا النهضة الموسيقية العربية
العصر المزهر للموسيقى العربية
العصر الذهبي للموسيقى
الموسيقى العربية في الأندلس
الموسيقى الفارسية
الموسيقى في عهد المماليك
الموسيقى الشرقية في تركيا
الموسيقى من عهد محمد علي باشا إلى الآن
Página desconocida
الملحنون وعلماء الفن
كيف ترقى الموسيقى الشرقية؟
الموسيقى الشرقية
الموسيقى الشرقية
ماضيها، حاضرها، نموها في المستقبل
تأليف
محمد كامل حجاج
مقدمة
اتفق علماء النفس ومن إليهم على أن الموسيقى هي لغة الروح التي بها تتخاطب فتتجاذب، وأنها من أكبر الذرائع لتطهير النفوس، وتهذيب الأخلاق، وترقية المدارك والأذواق؛ ولهذا عمل العاملون في الغرب - وتبعهم المجتهدون في الشرق - على تعميم تعليمها، بيد أن الشرقيين ما زالوا متباطئين في سيرهم، وإن كان منهم أفذاذ أخذوا يدأبون بكل ما أوتوا من المواهب لإحياء فنونها، وإعلاء شئونها، وفي مقدمتهم ذلك الفنان العظيم منشئ مقالتنا هذه؛ فإنه أتى على تاريخ الموسيقى الشرقية وتدرجها وتطورها من لدن ظهورها إلى هذه الأيام بمادة غريزة، وفكر متوقد، وقلم سيال، مع أنه من غير المنتسبين إلى أربابها، ولا من المشتهرين بها، فحاز - بحق - قصب السبق في المسابقة التي أجراها جناب الخواجا نقولا سرسق، وجيه الإسكندرية وعميد الموسيقى بها، ونال جائزتها بإصابة الغرض، والوصول إلى الغاية. ولقد سابقه غيره في نيلها فلم يسبقه، وأراد اللحاق به سواه فلم يلحقه، وإن كانا استحثا في الميدان سوابق الجياد، وأسلسا القياد. وها هي مقالته نقدمها بكل فخر واغتباط إلى الناطقين بالضاد من محبي هذا الفن الجميل.
الموسيقى
Página desconocida
إن سألنا العلماء عن الموسيقى أجابونا بأنها فن تركيب الأصوات بطريقة تشنف الأسماع، أو قالوا لنا: إنها فن الأصوات وارتباطها باللحن والوزن والانسجام.
وإن سألنا الشعراء قالوا لنا: إن الموسيقي لينظم بالأصوات كما ينظم الشاعر بالحروف، وإن سألنا علماء النفس البسيكولوجيين أجابونا بأنها: قوة فتانة ساحرة، وفن يعبر به الإنسان عن وجدانه وشعوره بأنغام أفصح من النطق، وأبلغ من البيان، وأقرب منهما تناولا للأذهان.
وقد اتفق علماء النفس على أن الكلام غير كاف للتعبير عن الشعور تعبيرا تاما، وأن الموسيقى وحدها هي القادرة على سد هذا النقص.
وإني أورد مثالا سهلا يبين لنا كيف تعبر الموسيقى الإلقائية بلفظ واحد عن عدة عواطف.
يشنف المعنى أسماعنا فنريد أن نعبر له عن إعجابنا فنقول له: الله! ونلفظها بنغمة مخصوصة، ونطيل المد الواقع قبل الهاء. وإذا فاجأت طفلك وهو متربع فوق التراب بثوبه الجديد الذي اشتريته بدينارين؛ فإنك تستنكر فعلته وتقول له: الله الله! بنغمة أخرى، وفتح هاء الأولى لوصلها بالثانية مع مد متوسط، وإن فاجأك أحد بخبر مكدر قلت: الله! بنغمة مغايرة، ناطقا اللام المشددة بقوة عظيمة وحاذفا المد.
الموسيقى نعمة من أجل النعم، لا ينكر فضلها أحد؛ إذ هي غذاء الأفئدة، ومهذبة النفوس، ومفرجة الكروب، ومسكنة الآلام. يصفها الأطباء للعصبيين الذين يفتك بهم الأرق، فإذا سمعوها عند نومهم هدأت أعصابهم الثائرة، وجلبت لهم نعاسا هنيئا. وتستعمل في بيماراستانات أوروبا، فيهرع إليها المجانين، ويسكن اضطرابهم وهياجهم وقت التوقيع.
لم يقتصر تأثيرها على الإنسان وحده، بل هيمن على الحيوان؛ إذ نشاهد أن الخيل والحمير وغيرها كثيرا ما تجفل وقت شربها، فيصفر لها راعيها فتطمئن وتشرب.
ونرى الإبل حينما يتملكها النصب، من وعثاء السفر وهجير البادية، فتتثاقل خطاها، وتميل أعناقها، فيحدوها سائقها بشجي الحداء، فتنشط وتسرع السير وهي مشرئبة الأعناق متهللة مستبشرة.
وللموسيقى تأثير عظيم في الثعابين والأفاعي، تلك الهوام الخبيثة التي جبلت على الشر والأذى؛ إذ يشاهد في الهند أناس يعرفون بحواة الثعابين
Charmeurs de serpents
Página desconocida
يعزفون بمزمار يعرف عندهم باسم «تومريل»، وهو خاص بالثعابين، ويوقعون عليه ألحانا خاصة، فتهرع إليهم الثعابين من جحورها ، وتقف بين أيديهم ذليلة صاغرة وديعة متجردة من ميولها الخبيثة، فيأخذها الطرب فتلعب وترقص على تلك النغمات.
إنني أسرد لكم بعض ما قاله كبار علماء الموسيقى مصداقا لقولي، وإظهارا لشرفها الجم، قال لوثير المصلح الديني الشهير - وكان موسيقيا فاضلا: «إنني أضع بعد الإلهيات مباشرة الموسيقى، وأمنحها الشرف الثاني.»
وقال «بيتهوڤن» نابغة الموسيقيين: «الموسيقى وحي أعظم وأرفع من جميع الأخلاق والفلسفة. إن هي إلا رحيق ينعشنا ويؤهلنا لجديد الابتداع، بل هي الحياة الخيالية منضمة إلى الحياة المادية، وهي الموصل الوحيد إلى العالم الأعلى؛ عالم المعرفة الذي يشعر به الإنسان، ولا يستطيع ولوجه، وبها ندرك العلم الكامل الإلهي.»
وقال «ڤاجنر» الموسيقي الطائر الصيت: «القلب هو الصوت، وما الموسيقى إلا لغته الفنية، بل الهوى الذي يفيض ويسيل من الأفئدة.»
وقال غيره: «الموسيقى لغة غزيرة المعاني، خفية الأسرار، توقظ التقوى، وتخاطب الشعور مباشرة بغير واسطة.»
إن أنعمنا النظر في الفنون الجميلة؛ كالشعر والموسيقى والتصوير والحفر والتمثيل والرقص، لوجدنا أن الموسيقى أكثر تداولا وانتشارا حتى بين الأمم الوحشية، فأصبحت كأنها من لوازم الحياة.
لا توجد أمة متمدينة أو وحشية إلا والموسيقى منتشرة بينها، وإذا تصفحنا التاريخ وجدناها في العصور الخالية. وأقدم دليل هو صورة محفورة على الأحجار تمثل شخصا يوقع على آلة موسيقية تسمى «هارب» وجدت في بلاد الكلدانيين، وعثر عليها المسيو «سرزيك» في قصر «تللو» على الشاطئ الأيسر من قناة تربط الدجلة بالفرات. وقد قرر تاريخها أفاضل العلماء مثل «پواتييه» بثلاثين قرنا قبل الميلاد، ولا مشاحة في أن الموسيقى أقدم من الشعر، وهي التي نفحته بقوانينه الخاضع لها.
ترتبط الموسيقى بأجمل العلوم، ويتسنى طرق أبوابها من جهات مختلفة، وفضلها لا يلبث أن يظهر من جميع الوجوه؛ إذ تتعلق بالطبعي والفسيولوجي، فإن كانا مزودين بطرق التحاليل والبحث العالية حددا نواميسها، وكشفا لنا فيها عالما مفعما بالعجائب. وترتبط بالفيلسوف الذي يستطيع أن يبين لنا أنها تسعد النفوس بشريف العواطف وجليل الفكر، وتتعلق بالمؤرخ الذي يظهر لنا تقدمها وما صادفها من التقلبات، وعلاقاتها بالتاريخ العام للأخلاق والعادات ، ودورها في حركات المدنية، وترتبط بعلماء الجمال فتنفحهم مقرا رفيعا غريبا يدرسون فيه آيات جمالها وأشكالها.
نشأة الموسيقى العربية
تنشأ الموسيقى مع العمران إذا توفر وتجاوز حد الضروري إلى الحاجي ثم إلى الكمالي؛ إذ الإنسان مطبوع بفطرته أن يبحث أولا عن ضرورياته، ثم عن حاجياته التي هي أهون من الضروريات، فإذا خلا باله، واطمأن ضميره؛ تفنن في الكماليات والملذات، وأفضلها عند جميع الأمم الموسيقى. وقد نشأت وأزهرت في بلاد فارس قبل ظهورها في بلاد العرب بقرون، فاهتم بها الأكاسرة، وأحلوها المحل الأرفع، ودونوا أصولها وقواعدها وقوانينها حتى أصبحت منبعا سائغا نهل من موارده الشرق بأجمعه.
Página desconocida
وأما العرب فظهر عندهم أولا الشعر؛ يؤلفون فيه الكلام أجزاء متساوية على تناسب بينها في عدة حروفها المتحركة والساكنة، ويفصلون الكلام في تلك الأجزاء تفصيلا يكون كل جزء منها مستقلا بمعنى يؤديه، لا ينعطف على الآخر، ويسمونه بالبيت. فترى الشعر العربي في وزنه وانسجامه، وحركاته وسكناته المعدودة، وقوافيه المتحدة الرنانة موسيقيا بمعنى الكلمة، لا يحتاج من يريد أن يلحنه إلى مجهود عظيم. وهذه المزايا لا توجد في الشعر الأجنبي، وتدل على أن العربي موسيقي بطبيعته وفطرته.
ابتدأت الموسيقى العربية بالحداء؛ إذ تغنى الحداة منهم لإبلهم، والفتيان في فضاء خلواتهم، فرجعوا الأصوات وترنموا، وربما ناسبوا في غنائهم بين النغمات مناسبة بسيطة، وكانوا يسمونه بالسناد، وكان أكثر ما يكون منهم في الخفيف الذي يرقص عليه، ويمشي بالدف والمزمار، فيطرب ويستخف الحلوم. وكانوا يسمون هذا الهزج. وهذا البسيط كله من التلاحين هو من أوائلها، ولا يبعد أن تتفطن له الطباع من غير تعليم، شأن البسائط كلها من الصناعات. ولم يزل هذا شأن العرب في بداوتهم وجاهليتهم حتى جاء الإسلام، وفتحوا الفتوحات، واستولوا على الممالك، فلما جاءهم الترف، وغلب عليهم الرفه، بما حصل لهم من غنائم الأمم، صاروا إلى نضارة العيش، ورقة الحاشية، واستملاء الفراغ، وافترق المغنون من الفرس والروم، فوقعوا إلى الحجاز، وصاروا موالي للعرب، وغنوا جميعا بالعيدان والطنابير والمعازف والمزامير، وسمع العرب تلحينهم للأصوات فلحنوا عليها أشعارهم .
مبلغ علمنا من الموسيقى في الجاهلية
غير خاف أن تاريخ الجاهلية غامض جدا، ولم يقع تحت أيدينا إلا نتف مبعثرة وقليل من أشعارهم. وهذا يرجع إلى أمية العرب؛ إذ كان لا يوجد فيهم من يعرف القراءة غير الكهان، وكانوا يعدون على أصابع اليد الواحدة.
ويظهر أن الغناء في عصر الجاهلية كان قاصرا على القيان وحدهن؛ إذ لم نسمع فيما وصل إلينا من أخبارهم عن رجال مغنين.
وأقدم ما عرف من أخبار قيانهم خبر جرادتي عاد اللتين يضرب بهما المثل العربي: «تركته تغنيه الجرادتان.» وهو يضرب لمن كان لاهيا في نعمة ودعة. والجرادتان قينتان لمعاوية بن بكر، أحد العماليق. وإن عادا لما كذبوا النبي هودا - عليه السلام - توالت عليهم ثلاث سنوات لم يروا فيها مطرا، فبعثوا من قومهم وفدا إلى مكة ليستقوا لهم، ورأسوا عليهم قيل بن عنق، ولقيم بن هزال، ولقمان بن عاد - وكان أهل مكة إذ ذاك العماليق، وهم بنو عمليق بن لاوذ بن سام، وكان سيدهم بمكة معاوية بن بكر - فلما قدموا نزلوا عليه لأنهم كانوا أخواله وأصهاره، فأقاموا عنده شهرا، وكان يكرمهم والجرادتان تغنيانهم، فنسوا قومهم شهرا، فقال معاوية: هلك أخوالي، ولو قلت لهؤلاء شيئا ظنوا بي بخلا، فقال شعرا وألقاه إلى الجرادتين، فأنشدتاه وهو:
ألا يا قيل ويحك قم فهينم
لعل الله يبعثها غماما
فيسقي أرض عاد إن عادا
قد امسوا لا يبينون الكلاما
Página desconocida
من العطش الشديد فليس نرجو
لها الشيخ الكبير ولا الغلاما
وقد كانت نساؤهم بخير
فقد أمست نساؤهم أيامى
وإن الوحش يأتيهم جهارا
ولا يخشى لعادي سهاما
وأنتم ها هنا فيما اشتهيتم
نهاركم وليلكم التماما
فقبح وفدكم من وفد قوم
ولا لقوا التحية والسلاما
Página desconocida
فلما غنتهم الجرادتان بهذا قال بعضهم لبعض: يا قوم، إنما بعثكم قومكم يستسقون بكم، فقاموا ليدعوا وتخلف لقمان - وكانوا إذا دعوا جاءهم نداء من السماء أن سلوا ما شئتم؛ فتعطون ما سألتم - فدعوا ربهم، واستسقوا لقومهم، فأنشأ الله لهم ثلاث سحابات بيضاء وحمراء وسوداء، ثم نادى مناد من السماء : يا قيل ، اختر لقومك ولنفسك واحدة من هذه السحائب. فقال: أما البيضاء فجفل، وأما الحمراء فعارض، وأما السوداء فهطلة، وهي أكثرها ماء، واختارها، فنادى مناد: قد اخترت لقومك رمادا رمددا لا تبقي من عاد أحدا، لا والدا ولا ولدا إلا تركته همدا.
ولما عاد الوفد لقومهم، وبينما هم ينتظرون الغيث، وإذا بالسحابة قد خرجت عليهم، وقبل أن يتبينوا ما فيها من العذاب فرحوا واستبشروا، وقالوا: هذا عارض ممطرنا، فقيل لهم: بل هو ما استعجلتم به؛ ريح فيها عذاب أليم، تدمر كل شيء بأمر ربها، فسلطها الله عليهم فأهلكتهم ودمرت مساكنهم، وذكر الله خبرهم في القرآن إذ قال:
سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما * فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية * فهل ترى لهم من باقية .
أما جرادتا النعمان، فكل ما علم عنها أنهما كانتا قينتين تغنيانه، والغالب أنه سماهما بالجرادتين تشبيها لهما بجرادتي عاد.
وكذلك جرادتا عبد الله بن جدعان، وقد سماهما أيضا جرادتي عاد، وقد وهبهما لأمية بن أبي الصلت، الشاعر الذي كان يفد عليه ويمدحه، ولا يعلم من غنائهما إلا صوتان «لحنان»؛ أحدهما أوله:
أقفر من أهله مصيف
فبطن نخلة فالعريف
ولحنه من خفيف الثقيل، وهو من المائة صوت المختارة، والثاني أوله:
عطاؤك زين لامرئ إن حبوته
ببذل وما كل العطاء يزين
Página desconocida
ولا يعلم مقامه «نغمته».
الألحان العربية القديمة
ترك لنا العرب ميراثا عظيما من الألحان والموشحات، ولكنه لا يساوي شيئا؛ لأنهم لم يدونوا تلحينهم، بل كانوا يتناقلون ألحانها بالسماع والتواتر.
وقد أثبت الأصبهاني في كتابه الأغاني ألوفا مؤلفة من الألحان، ووضح المقامات والضروب التي لحنت منها. وهذا لا يفيد شيئا، وأصبح هذا العدد الضخم أمام أعيننا كهياكل عظمية لا نستدل على شيء من حسن موسيقاها، ودقة صناعتها.
ظهرت «النوتة» العربية متأخرة في القرن السابع تقريبا، وهو العصر الذي وجد فيه عبد المؤمن البغدادي؛ لأنه مات سنة 656 هجرية. وهو أقدم من ذكر هذه الرموز. وقد رد حضرة الفاضل إسكندر أفندي شلفون على المسيو روانيه
J. Rouanel
صاحب الرسالة الخاصة بالموسيقى العربية في دائرة معارف المسيو لافنياك
Lavignac ، الذي يشك في النوتة العربية؛ لأنه لم يعترف بها غير المسيو د. ج. ا. كونديه
D. J. A. Condé ، والمسيو سوريانو فويرتيس
Soriano Fuertes ؛ إذ قال الأخير في كتابه «الموسيقى العربية الأندلسية»، الذي ظهر في برشلونة «إسبانيا» سنة 1852:
Página desconocida
إن العرب قبل فتحهم لإسبانيا قد استعملوا - على ما يظن - السبعة الأحرف الأولى من حروفهم الهجائية، والسبعة الألوان التي كانت تميز طول أو قصر الزمن للنوتات كاستعمال السبعة الأشكال المستعملة الآن في النوتة العصرية. وهذه العلامات كانت توضع على السبعة الأبعاد الموجودة على الثمانية الخطوط الأفقية، فكان الأسفل منها يدل على صوت «ألف»، التي كانت أضخم قرارات طريقتهم، وباتباع هذا الترتيب كان الصوت الأحد «أعلى الجواب» يشغل البعد الأخير من الخطوط.
وكان اللون الأصفر حينما يوضع على أي خط من الثمانية الخطوط يدل على أن البعد الذي فوقه مباشرة يساوي العلامة «دال»، وأن الوردي الرائق يساوي «الألف» الحادة «ألف الجواب».
وبخلاف السبعة الألوان التي كانت تدل على المقدار الثابت للأصوات، كان العرب يستعملون بعض علامات تدل على زمنها المطلق على حسب ما يراد توقيعها بسرعة - كطريقة مجموعاتنا الثنائية أو الثلاثية أو أكثر من نوتاتنا المستعملة في الحلية والمسماة
appogiatures - وهذه الشرطات سواء أكانت صاعدة أم هابطة تدون بعلامة فرجول
virgule
تخترق أبعاد الخطوط، أو ترتكز على الخطوط.
ويؤكد المسيو سوريانو دون أن يأتي لنا بدليل ما، سواء أكانوا استعاروا هذه الطريقة من اليونان قبل فتح الأندلس، أو في عهد الفتح ودونوا «نوتة» لموسيقاهم الثمانية الخطوط، التي ابتدعها الإسبانيون باستعمالهم الأشكال البيضاوية المسماة بركوس أو بركيوس
barcos ou barquillos ، التي كان يستعملها الملحنون من القرن الخامس عشر إلى السابع عشر. وقد استنتج هذا المؤلف دون إثبات أن العرب في الأندلس كانوا يستعملون في الوقت نفسه «الأرموني» بعكس عرب الشرق، ولكن المسيو روانيه لم يستدل في أبحاثه على دليل قاطع يثبت ذلك، وقد قرأ كل مؤلف في الموسيقى العربية من صدر الإسلام إلى الآن، حتى المؤلفات المصرية: ككتاب الموسيقى الشرقي لكامل أفندي الخلعي، وكتب الديك ودرويش أفندي وغيرها.
ويستنتج مما سردناه أن النوتة العربية، سواء أصح خبرها أم لم يصح، لم تظهر قبل القرن السابع؛ أي بعد العصرين الزاهرين؛ وهما: الأموي والعباسي. وإن تصفحنا الأحد والعشرين جزءا لكتاب الأغاني لم نجد فيها جملة واحدة تنص على وجود «النوتة» في تلك العصور التي تكلم عنها، ولم يعثر على مجموعات من الألحان مكتوبة بالنوتة فيما خلفه العرب من الكتب في مكاتب الدنيا الشهيرة.
وقد ذكر حضرة شلفون أفندي دورين من كتاب «الأدوار في حل الأوتار» للكامل بن سبعين، وقال: «إنهما من الأدوار العربية القديمة.» ولكن القارئ بمجرد نظرة قصيرة يعرف لأول وهلة أنهما سخيفان من الألفاظ الموزونة كالتي يرصها الفقهاء العصريون وينشدونها في الذكر. وهذا من الأسباب القوية التي تثير الشكوك. وها هما الدوران:
Página desconocida
نوروز «ضرب الرمل»
على صبكم يا حاكمين ترفقوا
ومن وصلكم يوما عليه تصدقوا
ولا تتلفوه بالصدود فإنه
يحاذر أن يشكو إليكم ويشفق
كواشت «ضرب الرمل»
على الهجر لا والله ما أنا صابر
وغيري على فقد الأحبة قادر
كتمت هواكم خيفة من عواذلي
ولي ولكم عند اللقاء سرائر
Página desconocida
نواة النهضة الموسيقية العربية
سائب خاثر
أجمع الثقات، مثل الأصبهاني وابن خلدون وغيرهما، على أن نواة النهضة الموسيقية في البلاد العربية هو سائب خاثر؛ إذ لم تبلغ الموسيقى العربية قبله مبلغها من الإتقان وجودة الصناعة. وهو ابن راسم، فارسي من موالي بني ليث، ولزم عبد الله بن جعفر وانقطع إليه.
كان في أول أمره مغنيا بسيطا، ولما قدم إلى المدينة نشيط الفارسي وغنى بالفارسية أعجب به عبد الله بن جعفر؛ لجمال صوته وحسن فنه، فلما سمعه سائب خاثر قال لعبد الله بن جعفر: أنا أصنع لك مثل غناء هذا الفارسي بالعربية، ثم غدا عليه وقد لحن:
لمن الديار رسومها قفر
لعبت بها الأرواح والقطر
وخلا لها من بعد ساكنها
حجج مضين ثمان أو عشر
والزعفران على ترائبها
شرق به اللبنات والنحر؟
Página desconocida
والغناء من الثقيل الأول بالسبابة، وهو أول صوت غني به في الإسلام من الغناء العربي المتقن الصنعة .
ومن ذاك الوقت طفق يلحن أصواتا فنية متقنة حتى ذاع صيته. وقد اصطحبه عبد الله بن جعفر حينما وفد على معاوية بن أبي سفيان، ثم عرض عليه بعض حوائجه، ثم ثنى بحاجة لسائب خاثر، فقال له معاوية: من سائب خاثر؟ قال: رجل من أهل المدينة ليثي يروي الشعر. قال: أوكل من روى الشعر أراد أن نصله؟ فقال: إنه أحسنه، قال: وإن أحسنه! قال: فأدخله إليك يا أمير المؤمنين، قال: نعم! فلما دخل قام على الباب ثم رفع صوته يتغنى:
لمن الديار رسومها قفر
فالتفت معاوية إلى عبد الله بن جعفر فقال: أشهد لقد حسنه! فقضى حوائجه وأحسن إليه.
وفي ليلة أشرف معاوية على منزل يزيد ابنه، فسمع صوتا أعجبه واستخفه السماع، فاستمع قائما حتى مل الوقوف، ثم دعا بكرسي فجلس عليه واشتهى الاستزادة، فاستمع بقية ليلة حتى مل، فلما أصبح غدا على يزيد فقال له: يا بني، من كان جليسك البارحة؟ فقال: أي جليس يا أمير المؤمنين؟ واستعجم عليه، قال: عرفني؛ فإنه لم يخف علي شيء من أمرك، قال: سائب خاثر، فقال: فاختر له، يا بني، من برك وصلتك؛ فما رأيت بمجالسته بأسا.
وقد أخذ عنه الغناء ابنه سريج وجميلة ومعبد وعزة الميلاء وغيرهم.
زعيمتا النهضة الموسيقية العربية
كانت عزة الميلاء مولاة للأنصار، ومسكنها المدينة، وهي أقدم من غنى الغناء الموقع من النساء بالحجاز، وماتت قبل جميلة، وكانت من أجمل النساء وجها، وأحسنهن جسما، وسميت الميلاء لتمايلها في مشيتها.
وقال معبد: كانت عزة الميلاء ممن أحسن ضربا بعود، وكانت مطبوعة على الغناء لا يعيها أداؤه ولا صنعته ولا تأليفه، وكانت تغني أغاني القيان من القدائم؛ مثل سيرين وزرنب والرباب وسلمى ورائقة. وكانت رائقة أستاذتها. فلما قدم نشيط وسائب خاثر المدينة غنيا أغاني بالفارسية، فتلقنت عزة عنهما نغما، وألفت عليها ألحانا عظيمة عجيبة.
وكان ابن سريج في حداثة سنه يأتي المدينة ويسمع من عزة، ويتعلم غناءها، ويأخذ عنها، وكان بها معجبا، وكان إذا سئل: من أحسن الناس غناء؟ قال: مولاة الأنصار «عزة» المفضلة على كل من غنى وضرب بالمعازف والعيدان من الرجال والنساء.
Página desconocida
وكان ابن محرز يقيم بمكة ثلاثة أشهر، ويأتي المدينة فيقيم بها ثلاثة أشهر من أجل عزة، وكان يأخذ عنها، وكان طويس أكثر ما يأوي منزل عزة الميلاء، وكان في جوارها، وكان إذا ذكرها يقول: هي سيدة من غنى من النساء مع جمال بارع، وخلق فاضل، وإسلام لا يشوبه دنس، تأمر بالخير وهي من أهله، وتنهى عن السوء وهي مجانبة له، فناهيك ما كان أنبلها وأنبل مجلسها، ثم قال: كانت إذا جلست جلوسا عاما فكأن الطير على رءوس أهل مجلسها. من تكلم أو تحرك نقر رأسه.
جميلة
هي جميلة مولاة بني سليم، ثم مولاة بطن منهم يقال لهم: بنو بهز، وكان لها زوج من موالي بني الحارث من الخزرج، وكانت تنزل فيهم، فغلب عليها ولاء زوجها، فقيل: إنها مولاة للأنصار.
وهي الزعيمة الثانية للنهضة الموسيقية العربية، وأصل من أصول الغناء، وعنها أخذ معبد وابن عائشة وحبابة وسلامة القس وعقيلة العقيقية والشماسيتان خليدة وربيحة، وفيها يقول عبد الرحمن بن أرطأة:
إن الدلال وحسن الغنا
ء وسط بيوت بني الخزرج
وتلكم جميلة زين النساء
إذا هي تزدان للمخرج
إذا جئتها بذلت ودها
بوجه منير لها أبلج
Página desconocida
وكانت جميلة أعلم خلق الله بالغناء، وكان معبد يقول: أصل الغناء جميلة، وفرعه نحن، ولولا جميلة لم نكن نحن مغنين، ولقد سئلت يوما: أنى لك هذا الغناء؟ قالت: والله ما هو إلهام ولا تعليم، ولكن أبا جعفر - سائب خاثر - كان لنا جارا، وكنت أسمعه يغني ويضرب بالعود فلا أفهمه، فأخذت تلك النغمات، فبنيت عليها غنائي، فجاءت أجود من تأليف هذا الغناء، فعلمت وألقيت، فسمعني مولياتي يوما وأنا أغني سرا، ففهمنني ودخلن علي وقلن: قد علمنا ما تكتمينا، فأقسمن علي فرفعت صوتي وغنيتهن بشعر زهير بن أبي سلمى:
وما ذكرتك إلا هجت لي طربا
إن المحب ببعض الأمر معذور
ليس المحب كمن أن شط غيره
هجر الحبيب وفي الهجران تغيير
صوت
نام الخلي فنوم العين تقرير
مما ادكرت وهم النفس مذكور
ذكرت سلمى وما ذكري براجعها
ودونها سبسب يهوي به المور
Página desconocida
وهو رمل بالوسطى، فحينئذ ظهر أمري، وشاع ذكري، فقصدني الناس وجلست للتعليم. ولقد كسبت لموالي ما لم يخطر لهن ببال.
وقد حجت جميلة، وخرج معها من المغنين مشيعين حتى وافوا مكة ورجعوا معها، من الرجال المشهورين المعدودين في الغناء: هيت، وطويس، والدلال، ونؤمة الضحى، وقند، ورحمة، وهبة الله، وهؤلاء مشايخ، وكلهم طيب الغناء، ومعبد، ومالك، وابن عائشة، ونافع بن طنبورة، وبذيح المليح، ونافع الخير، ومن النساء المغنيات: الفرهة عزة الميلاء، وحبابة، وسلامة، وخليدة، وعتيلة، والشماسية، وفرعة، وبلبلة، ولذة العيش، وسعيدة، والزرقاء، ومن الشعراء: الأحوص، وكثير عزة، ونصيب، وزهاء خمسين قينة وجه بهن مواليهن معها، فأعطوهن النفقات وحملوهن على الإبل في الهوادج والقباب، فأبت جميلة أن تنفق واحدة منهن درهما فما فوق حتى رجعن. ولما قاربوا مكة تلقاهم سعيد بن مسجح، وابن سريج، والغريض، وابن محرز، والهذليون، وعدد عظيم من الشعراء والأشراف: كعمر بن أبي ربيعة، والحارث بن خالد المخزومي، والعرجي، وخرج أبناء أهل مكة من الرجال والنساء ينظرون إلى جمعها وحسن هيئتهم.
ولما مضى على مقدمها عشرة أيام، جلست بمنزلها للغناء، وحضر عندها كل من سردناهم من المغنين، وعمر بن أبي ربيعة الشاعر، وغنوا جميعا أفرادا وجماعات. ومن ظرفها وآدابها أنها كانت تعجب بكل منهم، وتظهر محاسنه وشخصيته دون أن تفضل أحدا على الآخر، ثم غنت هي بدورها، واستمروا على ذلك ثلاثة أيام لم يشاهد مثلها ولا عند الأمراء والخلفاء.
العصر المزهر للموسيقى العربية
ازدهرت الموسيقى في عصر بني أمية، وخطا الفن خطوات واسعات نحو التقدم والجمال، وظهر في وقت واحد فحول المغنين والملحنين؛ مثل: ابن سريج، ومعبد، والغريض، وابن محرز، ومالك، وحنين الحيري، وابن عائشة، وعزة الميلاء، وجميلة وغيرهم.
لم يقتصر تعضيد الموسيقيين على الخلفاء، بل سرى إلى الأشراف والنبلاء والسراة، ونخص بالذكر عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، فإن سائب خاثر ونشيطا الفارسيين كانا منقطعين إليه وملازمين له، وكانت له مجالس طرب عظيمة يدعو إليها مشاهير المغنين ممن سبق ذكرهم، ويبذل لهم العطاء، وكذلك السيدة سكينة - رضي الله عنها - كانت مشغوفة بالغناء والموسيقى، وذات ذوق سليم فيهما، وكانت تغدق البذل والهبات للمغنين، وكانت ذات كرم حاتمي، وحينما يكون عندها حفلة طرب تفتح دارها لجميع الناس دون قيد ولا شرط، ولقد سقط عرش دارها مرة حينما اكتظت الدار بالسامعين، ومات في هذه الحادثة حنين الحيري. وقد ذكرنا ذلك في موضعه.
وإننا نخصص جزءا صغيرا من بحثنا هذا للتكلم على المشاهير من فحول المغنين الذين ازدهر بهم عصرهم، ورفعوا شأن الموسيقى العربية.
ابن مسجح
سعيد بن مسجح مولى بني جحح، مكي أسود مولد مغن متقدم من فحول المغنين وأكابرهم، وأول من صنع الغناء منهم، ونقل غناء الفرس إلى غناء العرب ثم رحل إلى الشام، وأخذ ألحان الروم والبربطية والأسطوخوسية، وانقلب إلى فارس وأخذ بها غناء كثيرا، وتعلم الضرب ثم قدم إلى الحجاز، وقد أخذ محاسن تلك النغم، وألقى منها ما استقبحه من النبرات والنغم التي هي موجودة في نغم غناء الفرس والروم خارجة عن غناء العرب، وغنى على هذا المذهب، فكان أول من أثبت ذلك ولحنه، وتبعه الناس بعد.
وقد جاءته هذه الفكرة حينما احترقت الكعبة، وجلب لها ابن الزبير بنائين من الفرس، فسمع غناءهم فراقه، فقلبه في شعر عربي. وهو الذي علم ابن سريج والغريض. ولقد عاش حتى لقيه معبد، وأخذ عنه أيضا الغناء في أيام الوليد بن عبد الملك.
Página desconocida
طويس
طويس لقب غلب عليه، واسمه عيسى بن عبد الله، وهو مولى بني مخزوم. ولد يوم مات النبي
صلى الله عليه وسلم ، وكان ظريفا عالما بأمر المدينة وأنساب أهلها، وهو أول من تغنى بالمدينة غناء يدخل في الإيقاع. وعمر حتى مات في خلافة الوليد بن عبد الملك.
ابن سريج
هو عبد الله بن سريج مولى بني نوفل بن عبد مناف، من فحول المغنين، وكان آدم، أحمر ظاهر الدم، سناطا؛ لا تنبت لحيته، في عينيه حول وعمش، أصلع الرأس. عاش خمسا وثمانين سنة، وكان لا يغني إلا إذا أسبل القناع على وجهه. وقد غنى في زمان عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ومات بعد قتل الوليد بن يزيد.
وهو أول من ضرب بالعود على الغناء العربي، وذلك أنه رآه مع العجم الذين قدم بهم ابن الزبير لبناء الكعبة.
وقد أخذ الغناء عن ابن مسجح، وانقطع إلى عبد الله بن جعفر، وبعد وفاته لزم الحكم بن المطلب، أحد بني مخزوم، وكان من سادة قريش ووجوهها.
وقد اختلف الرواة في المفاضلة بين معبد وابن سريج، والظاهر أن ابن سريج لتقليده النساء في الغناء ظن مريدوه أنه أفضل من معبد. وإن الشعر لأصدق من الروايات المختلفة، وقد ذكرنا البيت في موضعه وهو:
أجاد طويس والسريجي بعده
وما قصبات السبق إلا لمعبد
Página desconocida
معبد
هو معبد بن وهب مولى بن قطر، وكان أبوه أسود؛ فلذلك جاء معبد ابنه خلاسيا، وكان مديد القامة أحول. وقد أخذ الغناء عن سائب خاثر ونشيط الفارسيين وجميلة؛ أي في عصر معاوية بن أبي سفيان. وقد قال فيه الشاعر:
أجاد طويس والسريجي بعده
وما قصبات السبق إلا لمعبد
وقد ذكر إسحق الموصلي أن معبدا كان من أحسن الناس غناء، وأجودهم صنعة وأحسنهم خلقا، وهو فحل المغنين وإمام أهل المدينة في الغناء.
وذكر إسحاق الموصلي أيضا أنه قيل لمعبد: كيف تصنع إذا أردت أن تصوغ الغناء؟ قال: أرتحل قعودي، وأوقع بالعصا على رحلي، وأترنم عليه بالشعر حتى يستوي لي الصوت.
ولما مات مشى في جنازته الخليفة الوليد بن يزيد وأخوه الغمر، وكانت سلامة القس، المغنية الشهيرة جارية الوليد، ممسكة بنعشه تبكي وتندبه بهذا الصوت الذي تلقته منه:
قد لعمري بت ليلي
كأخي الداء الوجيع
ونجي الهم مني
Página desconocida
بات أدنى من ضجيعي
كلما أبصرت ربعا
خاليا فاضت دموعي
قد خلا من سيد كا
ن لنا غير مضيع
لا تلمنا أن خشعنا
أو هممنا بخشوع
الغريض
لقب بالغريض لأنه كان طري الوجه نضرا، غض الشباب، حسن المنظر، واسمه عبد الملك، وهو مولى العبلات. وكان يضرب بالعود وينقر بالدف ، وكان في أول أمره خياطا، ثم أخذ الغناء عن ابن سريج، وقد دفعته مولياته إليه ليعلمه الغناء، فلما رأى منه حسن صوته وظرفه خشى أن يأخذ غناءه ويغلبه عليه عند الناس، ويفوقه بحسن وجهه وجسده، فاعتل عليه وشكاه إلى مولياته، وجعل يتجنى عليه ثم طرده. وقد ابتدأ بالنوح ثم تدرج إلى الغناء، ولما كثر غناؤه اشتهاه الناس. وكان ابن سريج لا يغني صوتا إلا عارضه فيه الغريض لحنا آخر.
كان غناؤه متشابها مع ابن سريج، وقد قالت السيدة سكينة - رضي الله عنها - لما سمعتهما يغنيان لحن:
Página desconocida