La música oriental
كتاب الموسيقى الشرقي
Géneros
5 . (وذكر في الإصحاح الرابع من سفر التكوين) وعرف قايين امرأته فحبلت وولدت حنوك. وكان يبني مدينة، فدعا اسم المدينة كاسم ابنه حنوك. وولد لحنوك عيراد. وعيراد ولد محيويائيل. ومحيويائيل ولد متوشائيل. ومتوشائيل ولد لامك. واتخذ لامك لنفسه امرأتين. اسم الواحدة عادة، واسم الأخرى صلة، فولدت عادة يابال الذي كان أبا لساكني الخيام ورعاة المواشي. واسم أخيه يوبال، الذي كان أبا لكل ضارب بالعود والمزمار. وصلة أيضا ولدت توبال قايين الضارب كل آلة من نحاس وحديد.
قال الكامل في تاريخه - وقيل: أول من وضعه نوح - عليه السلام - واخترع العود المعروف واستخرج منه النغمات وانعدم ذلك العود عند الطوفان - ثم في عهد داود استخرج وهذب وضرب عليه.
وقد ذكر في تصحيح الغلطات، أن أول من وضعه لامك من أولاد نوح - عليه السلام - واخترع العود المعهود وبعد فتنة بختنصر فقدت تلك الآلة - وفي زمن إسكندر ذي القرنين أوجد الحكماء الكاملون بقوة الرياضة علم الموسيقى وقد ثبت أن أرسطو وبقراط وسقراط وجالينوس وأفلاطون قد استعملوا الموسيقى.
وقيل إن الحكماء استخرجت الصنائع بحكمتها وعلمتها للناس ومن جملتها فن الموسيقى واستعمل كسائر الصنائع.
وقيل: إن أول من وضعه جمشيد - وهو ملك من ملوك الفرس -
6
كان بمدينة اصطخر التي صارت الآن قرية صغيرة بقرب الشيراز.
وكان في سلطان العجم قبل الملة الإسلامية منها بحر زاخر في أمصارهم ومدنهم، وكان ملوكهم يتخذون ذلك ويولعون به حتى لقد كان لهم اهتمام بأهل هذه الصناعة، ولهم مكان في دولتهم وكانوا يحضرون مشاهدهم ومجامعهم ويغنون فيها - وهذا شأن العجم لهذا العهد في كل أفق من آفاقهم ومملكة من ممالكهم.
وأما العرب، فكان لهم أولا فن الشعر يؤلفون فيه الكلام أجزاء متساوية على تناسب بينها في عدة حروفها المتحركة والساكنة، ويفصلون الكلام في تلك الأجزاء تفصيلا يكون كل جزء منها مستقلا بالإفادة، لا ينعطف على الآخر ويسمونه البيت، فتلائم الطبع بالتجزئة أولا، ثم بتناسب الأجزاء في المقاطع والمبادئ، ثم بتأدية المعنى المقصود وتطبيق الكلام عليها، فلهجوا به، فامتاز من بين كلامهم بحظ من الشرف ليس لغيره لأجل اختصاصه بهذا التناسب وجعلوه ديوانا لأخبارهم وحكمهم وشرفهم، ومحكا لقرائحهم في إصابة المعاني وإجادة الأساليب. وما من أمة لها قوة على التصرف في المعاني إلا وفيها شعراء بلسانهم، إلا أن فضل الأشعار العربية مشهور كما لا يخفى. واستمروا على ذلك وهذا التناسب الذي من أجل الأجزاء والمتحرك والساكن من الحروف قطرة من بحر تناسب الأصوات والألحان، إلا أنهم لم يشعروا بما سواه ؛ لأنهم حينئذ لم ينتحلوا علما ولا عرفوا صناعة، وكانت البداوة أغلب نحلهم - ثم تغني الحداة منهم في حداء إبلهم، والفتيان في قضاء خلواتهم، فرجعوا الأصوات وترنموا، وكانوا يسمون الترنم إذا كان بالشعر غناء، وإذا كان بالتهليل أو نوع القراءة تغبيرا بالغين المعجمة والباء الموحدة، وعللها أبو إسحاق الزجاج بأنها تذكر بالغابر، وهو الباقي أي: بأحوال الآخرة، وربما ناسبوا في غنائهم بين النغمات مناسبة بسيطة كما ذكره ابن رشيق آخر كتاب العمدة وغيره - وكانوا يسمونه السناد، وكان أكثر ما يكون منهم في الخفيف الذي يرقص عليه ويمشي بالدف والمزمار، فيطرب ويستخف الحلوم، وكانوا يسمون هذا الهزج وهذا البسيط كله من التلاحين هو من أوائلها، ولا يبعد أن تتفطن له الطباع من غير تعليم، شأن البسائط كلها من الصنائع، ولم يزل هذا شأن العرب في بداوتهم وجاهليتهم.
فلما جاء الإسلام واستولى على ممالك الدنيا وحاز سلطان العجم وغلبهم عليه، وكان أهله من البداوة والغضاضة على الحال التي عرفت لهم مع غضارة الدين وشدته في ترك أحوال الفراغ، وما ليس بنافع في دين ولا معاش فهجروا ذلك شيئا ما ولم يكن الملذوذ عندهم إلا ترجيع القراءة والترنم بالشعر الذي هو ديدنهم ومذهبهم - فلما جاءهم الترف وغلب عليهم الرفه بما حصل لهم من غنائم الأمم صاروا إلى نضارة العيش ورقة الحاشية واستحلاء الفراغ وافترق المغنون من الفرس والروم، فوقعوا إلى الحجاز وصاروا موالي للعرب، وغنوا جميعا بالعيدان والطنابير والمعازف والمزامير، وسمع العرب تلحينهم للأصوات فلحنوا عليها أشعارهم وظهر بالمدينة نشيط الفارسي وطويس وسائب خائر مولى عبد الله بن جعفر فسمعوا شعر العرب ولحنوه وأجادوا فيه وطار لهم ذكر، ثم أخذ عنهم معبد وطبقته وابن سريج وأنظاره - وما زالت صناعة الغناء تندرج إلى أن كملت في أيام بني العباس عند إبراهيم المهدي وإبراهيم الموصلي وابنه إسحاق وابنه حماد - وكان من ذلك في دولتهم ببغداد ما تبعه الحديث بعده به وبمجالسه لهذا العهد - وأمعنوا في اللهو واللعب - واتخذت آلات الرقص في الملبس والقضبان والأشعار التي يترنم بها عليه، وجعل صنفا وحده واتخذت آلات أخرى للرقص تسمى بالكرج، وهي تماثيل خيل مسرجة من الخشب معلقة بأطراف أقبية يلبسها القيان ويحاكين بها امتطاء الخيل، فيكرون ويفرون وأمثال ذلك من اللعب المعد للولائم والأعراس وأيام الأعياد ومجال الفراغ واللهو، وكثر ذلك ببغداد وأمصار العراق وانتشر منها إلى غيرها.
Página desconocida