قالت المرأة وهي تضحك عاوجة فمها ذا الطلاء الأحمر الفاقع: «لا يكفي. لا ينفع. هذا فقط لا يكفي. فالشقيقة والشقيق يمكنهما التقبيل على سبيل الدعابة؛ أي أنكما ما زلتما شقيقا وشقيقة. ومهما فعلت فكذبك مكشوف. من الذي يصدقك!»
والحقيقة أن السكر هو الذي تسبب في اضطراب المنطق هكذا، فتحول العراك الذي بدأ من الغيرة إلى تنافس في العناد، وفي غفلة من الزمن بدلت المرأة دورها، وأصبحت هي التي تصر على أن ريكو شقيقته حقا، وتحول الشقيق على العكس؛ إلى الدور الذي ينفي ذلك.
وأحست ريكو غير المعتادة على الخمر بألم في قاع جمجمتها، وأصبح إحساس المكان غير مؤكد لديها، فشعرت أنها تقف فوق خشبة مسرح صغير تتركز عليها الإضاءة الشديدة التي تجعلها في منتهى التوتر، لتلك الدرجة أصبح كل شيء غير واقعي. - «أكثر. أكثر. فهذه الدرجة ما زالت في نطاق شقيقتك يا كاذب!»
قالت المرأة ذلك بسخرية وهي تدق المائدة بقعر كوب الخمر.
شعرت ريكو كأنها في حلم؛ إن يد شقيقها تعري صدرها، ثم شعرت أن أسنانه تعض ثديها برقة. وسمعت من بعيد صوت المرأة تصرخ: «أكثر. أكثر» وصعد جسد شقيقها السكران كأنه فحم مشتعل فوق جسد ريكو المستلقية.
37 ... عندما سمعت حتى هنا، أعتقد أنني يجب علي الاعتراف أنه تولدت في هذه اللحظة داخلي خيبة أمل أنانية.
خيبة الأمل من أن نيتي كانت سبر أغوار العقل الباطن، ومع ذلك تعرضت فجأة لحالة واقعية تنقصها الروحانية والروعة. بل من النظرة الأولى هو مجرد سلوك حيواني فقط أثاره السكر واليأس، بدون وجود لأي تفسير نفسي ولا روحاني.
بالتأكيد لا يمكن مطلقا القول إنه كان سلوكا مندفعا عفو اللحظة. فالإنسان في أي وضع كان، لا يمكن أن يغتصب شقيقته بسهولة شديدة أمام شخص آخر مهما كانت الدوافع. وإذا حاولنا التعمق قليلا في نفسية شقيق ريكو، فأنا أعتقد أن هذا الشقيق يحمل مشاعر حب مازوخية منحرفة تجاه شقيقته، فبعد أن حرص على أن ترى حياته البائسة التي وصلت للحضيض، حدث تحول تام؛ فبدأ في الهجوم عليها. وربما نستطيع القول إنه سلوك انتقامي موجه إلى ذاته شخصيا.
تذكرت مرة أخرى نظرية «التحليل النفسي الوجودي» (Daseinsanalyse)
التي أنشأها العالم الألماني لوفيد بنسوانغر في علم نفس الأمراض (Psychopathology) ، ومع قولنا إنها نظرية علمية استوحت نظرية الوجود بناء على المذهب الوجودي لمارتن هايدجر وكارل ياسبرز، ولكن أساس النظرية هو جهد علمي جبار يحاول العودة مرة أخرى للنظر للإنسان ببراءة وتلقائية، وإلى عمق تجارب الحب التي نعرفها نحن البشر، على أنها رد فعل لغرق علم التحليل النفسي في التحيزات العلمية وتناقضه الشديد مع خبراتنا الإنسانية حتى الآن في الحب. فمهما قال القائلون نحن نعرف الحب ونراه نورا يضيء قلب الإنسان، وسماء ليل زرقاء تسحره.
Página desconocida