إن تلك المرأة كذابة ... كذابة كذابة، أين البرود الجنسي الذي تدعيه ... الآن! خلعت ريكو القناع الذي كانت تضعه حتى ذلك الحين وألقته بعيدا، ثم ارتعشت مثل مؤشر جهاز قياس الضغط الجوي في يوم عاصف.»
27
في النهاية قال الشاب هاناي فقط ما يريد قوله ثم رحل، وتركني وحيدا في حالة من الذهول.
في الواقع لم أكن أملك خبرة فعلية في علاج حالات العنة، وليس السبب مطلقا أنني كطبيب أظهر اهتماما متحيزا لمرضاي من النساء أكثر من مرضاي من الرجال، ولكن لأن علم التحليل النفسي يهتم اهتماما أقل بعنة الرجال من البرود الجنسي للنساء.
وسبب آخر أن عنة الرجال المطلقة أو التشريحية نادرة جدا، ويعود أغلبها إلى أسباب نفسية. ولكنها تختلف عن البرود الجنسي للنساء، في أن دافعها ومراحلها تعود إلى صراع نفسي واع في الأغلب الأعم. وحتى حالة الخوف النفسية من المرأة التي تسبب تلك العنة، يمكن، بسهولة، إرجاعها إلى عقدة أوديب أو إلى جرح نفسي في مرحلة الطفولة بدون جلسات تحليل نفسي. وتكون مراحل تشكل العنة واضحة جدا في وعي المريض نفسه، حيث يزيد الوعي الذاتي من العنة أكثر وأكثر فيدور المريض في حلقة مفرغة؛ ولذا ففي علاج عنة الرجال يكون إبعاد تلك الأسباب عن الوعي واستعادة وظائف الانعكاس العصبي الطبيعي أكثر أهمية وأكثر فاعلية من إخراج ما في اللاوعي إلى الوعي. وأنا نفسي أؤيد ذلك الأمر وأوافق عليه، لو حكمت على الأمر بصفتي رجلا.
وهنا فكرت على العكس أن أقترح على الشاب هاناي ممارسة الرياضة حتى ولو بدرجة عنيفة. ولكنه ليس فقط لم يستمع إلى كلامي بل قال ما يريد قوله ثم رحل مسرعا مثل الريح. ... وعلى العكس كنت أنا من أصيب بمشاعر معقدة حينما تركت وحيدا بعد رحيله.
كان ثمة وقت حتى مجيء موعد المريض التالي؛ ولذا بقيت في غرفة التحليل النفسي أتأمل في ذهول الوضع خارج النافذة.
انتهى الربيع، ولكن السماء الملبدة بالغيوم بدت باردة قليلا، وأكثر المارة في الطريق يرتدون ملابس تميل للسواد. وتغيرت لوحة الإعلانات في دار السينما عما كانت عليه لما زارتني ريكو فجأة وعرضت علي السفر معها، فزينت الواجهة بوجه عملاق لامرأة تصرخ فزعا ورعبا من قاتل، وخلفها ناطحة سحاب مائلة، وزهور ورد حمراء كبيرة ربما تصل إلى مساحة تزيد على خمسة أمتار مربعة. غرقت في أفكار بلهاء تتخيل أنه بعد مرور مئات السنين من الآن على الأرجح سيسجل التاريخ عن هذه الحقبة أن الجنس البشري وقتها لم يكن يحمل اهتماما إلا تجاه قصص القتل.
في ركن من مبنى دار العرض السينمائية، ثمة محل زهور صغير؛ كانت زهور هذا الفصل الناضرة المتنوعة هي فقط الرطبة الندية في ذلك المكان. وعندها انتبهت إلى أن الشاب الذي يقف أمام محل الزهور هو بلا أدنى مجال للشك هاناي الذي غادر هذه الغرفة منذ قليل.
اشترى هاناي باقة زهور صغيرة جميلة التنسيق بمبلغ مائة «ين»، ثم بدأ المشي مبتعدا عن المحل خطوتين أو ثلاث خطوات، ثم قرب باقة الزهور من أنفه. «إنه رومانسي على غير المتوقع.»
Página desconocida