tic ).
رأيت تلك الرعشة في الوجه على الفور، وهي بدون أدنى شك بوادر الهيستيريا ولكنني تعمدت إظهار عدم رؤيتي لها. ولم تكن رجفة شديدة بل مجرد رعشة مرتين أو ثلاث مرات مثل تموجات ضئيلة.
وعرفت فورا ما في داخل قلب ريكو من اضطراب. فمع أنني ظننت أنني أتقنت التظاهر بعكس ذلك إلا أنها استشفت سريعا رؤيتي لتلك الرجفة. ربما كان تشبيها وقحا، ولكن كانت ريكو في تلك اللحظة تشبه الجميلة التي اكتشف بنظرة سريعة أنها الثعلب المتنكر.
لا يتناسب مطلقا هذا الخيال الوهمي الذي طرأ على ذهني، مع غرفة الانتظار التي ينبهر بها كل من يراها متيقنا أنها عيادة حديثة جدا، ولا يتناسب أيضا مع المكاتب والمسارح والفنادق المتراصة في طريق أواخر هذا الخريف المشرق كأسنان المشط خارج النافذة.
أدخلتها غرفة التحليل النفسي، وبعد أن أقنعتها تماما أنه لا قلق من أن يراها أو يسمعها أحد، عرضت عليها الجلوس على المقعد المريح الذي يمكن من خلال ضبطه أن يصبح أريكة صالحة للنوم، وأما أنا فقد جلست على مقعد صغير، وأمامي المفكرة التي فوق مكتبي وتظاهرت أنني لا أنوي وضع أهمية مطلقا لتلك المفكرة.
بدأت بعد أن أصبحنا بمفردنا في شرح حالتها بصوت مريح للنفس فقالت: «منذ بداية هذا الصيف، فقدت شهيتي للطعام نوعا ما، وفكرت أنه لا حيلة في ذلك بسبب الصيف، ثم تحول الأمر تدريجيا إلى الإصابة بالغثيان والرغبة في القيء. لم يحدث مرة واحدة فقط، ولكن عندما تأتيني تلك الرغبة مرة، تستمر مرة بعد مرة بإلحاح شديد؛ لذا اشتريت دواء للمعدة مما يباع في الأسواق وتناولته ولكنه لم يأت بنتيجة. وعند هذا الحد انتبهت إلى أمر فجأة فأصابني الرعب.»
توقفت ريكو عن الكلام وهي تبلل شفتها العليا بطرف لسانها الذي جعلته مدببا صلدا. «فكرت: ألا يكون السبب هو الحمل؟»
فسألتها دون تردد: «وهذا يعني وجود سبب لهذا الشك، أليس كذلك؟» «بلى.»
هذه المرة أجابت ريكو بجراءة بل على العكس بنبرة فخر، ثم أضافت: «... سوف أتحدث عن ذلك فيما بعد بالترتيب. ولهذا السبب ذهبت إلى الطبيب، فأخبرني أنه لم يعثر على مؤشر للحمل، وحولني إلى الطبيب «ر» أخصائي الباطنة، وبعد أن أجريت عنده فحوصات متنوعة، لم يصل إلى نتيجة، وبناء على ما شرحت له من أعراض حولني هذه المرة إليك.»
ثم بدأت ريكو تحكي قصة حياتها منذ نشأتها دون أن تسأل عنها، وحرصت على أن أترك لها المجال تحكي ما تريد دون أن أقاطعها. وكان محتوى حديثها كما يلي: عائلة يوميكاوا عائلة شهيرة من أثرياء مدينة «قوفو» ويمثل والدها الجيل السابع عشر في سلالة العائلة، ولكن بعد أن تخرجت «ريكو» في مدرسة ثانوية للبنات في المدينة، وبرغبة شديدة منها واصلت الدراسة في جامعة «س» للبنات في طوكيو وأقامت في بيت الطالبات التابع للجامعة. ومع أنها وعدت والديها بالعودة مباشرة إلى بيت العائلة بعد تخرجها، إلا أنها رفضت بعناد العودة إلى بلدتها؛ لأنها تكره خطيبها - وهو قريب لها من نفس العائلة - والمقرر زواجهما منذ كانا طفلين، واستطاعت إقناع والدها بضرورة الاستمرار في دراسة المجتمع والحياة من خلال العمل بوظيفة إدارية في شركة كبرى للاستيراد والتصدير. ومر عامان على ذلك، ولكن لأنها إن عادت إلى بلدتها لا ينتظرها إلا الزواج من خطيبها الذي تكرهه، فهي ما زالت تمدد إقامتها هنا حتى الآن، وتعيش في شقة بمفردها كما يحلو لها، ويحرص والدها - والذي يكتفي بإبداء غضبه بالكلام فقط - على عدم التأخر في تحويلاته المالية الكبيرة إليها. هذا هو وضعها الحالي.
Página desconocida