إن ذلك المنطق هو بالتأكيد منطق النساء، فهو منطق في منتهى الغباء، ولا تهتم النساء مطلقا بطريقة الهجوم ذاتها عندما تهاجم في مثل هذا الموقف. وعندما نطقت بلساني بلا وعي: «ماذا تعني بامرأة معتادة؟ أليس هذا وضعا شاذا وغريبا؟» لم تر أكيمي فيما قلت اعتراض عالم متخصص، ولكنها رأت فقط اعتراضا شخصيا مني أبديته على الفور لحماية الصورة الخاصة والمتميزة التي أحملها أنا تجاه ريكو من الانهيار عبر كلمات أكيمي. إن كان الأمر كذلك فما على أكيمي إلا أن تواصل الاعتراض بملاحقة نقاط ضعفي حتى ولو كانت أمورا شخصية. يمكن القول إنه في الوقت الذي تتخذ المرأة وضع الهجوم، لا يفيد الرجل مطلقا المنطق ولا غيره. «فهمت، فهمت.» «الهروب بكلمة: «فهمت، فهمت» جبن. من الذي قال إن التحليل النفسي يجب أن يكون في منتهى الحياد والموضوعية والعدالة؟ ومثلما حذرتني من البداية، كان من الأفضل ألا تقترب من تلك المريضة إن لم يكن لديك ثقة في نفسك أن تكون عادلا.»
عندما يصل الأمر إلى أن يقال لي ذلك، بدأت أشعر أن من الأفضل فصل تلك الممرضة التي ظلت تساعدني لسنوات طويلة؟ كانت تلك أول مرة تطرأ فيها مثل هذه الفكرة على ذهني، ولكن هذه المرأة التي تدعمني - وهي متفهمة لحياتي العزباء - لا تدرك إلى أي مدى كنت ممتنا وشاكرا لها في داخلي.
وخلافا لسير الأحداث تقرر أن أبيت تلك الليلة مع أكيمي التي كنت مبتعدا عنها لفترة، في الفندق الذي اعتدنا الذهاب إليه. بعد خطوة من دخولنا ذلك الفندق وإرشادنا لغرفتنا، بدأت أكيمي في ذات تلك اللحظة ما يعرف «بلعبة الأمومة». تبذل جهدها في العناية المفرطة بي دون أن تضطر إلى القلق من عيون الآخرين، إن خلعت السترة تسرع بتعليقها على المشجب، وإن وضعت السيجارة في فمي تشعلها لي على الفور، تحرص على التأكد من درجة حرارة حوض الاستحمام قبل أن أدخله، تصبح ربة بيت متفانية في خدمتي بكفاءة تامة. المرأة التي تصبح في تلك الحالة ربة بيت متفانية؛ عندما تصبح حقا زوجة ولها بيت، تتحول، في أغلب الحالات على الفور رأسا على عقب، إلى امرأة كسول متكبرة.
وحتى أكيمي نفسها وهي تلجأ إلى «ذكوريتي» عندما نصبح وحيدين في غرفة الفندق، تدرك تماما أن من مصلحتها أن تصبح امرأة طازجة متلونة وغير معتادة. ومع إدراكها هذا يجب عليها أيضا أن تشبع رغبتها الداخلية في ممارسة غريزة «الأمومة». ومع كل ذلك فإنها تكره حقا «الزواج الحقيقي».
كنا نفعل مثل هذه الأفعال الحميمية بعد فترة غياب طويلة حقا، ولكن عندما بدأت مداعبتها بدأ صدر أكيمي، على الفور، في الخفقان عاليا بصدق، وتتلاحق أنفاسها سريعا، كأنها آلة تصل بسهولة لحدها الأقصى، وعندما أقارن ذلك بعراكها العنيد منذ قليل، فإنني - على عكس المتوقع - أشعر بالانجذاب إليها أكثر من الحنق.
نادت أكيمي على اسمي وكررت ذلك مرات عديدة بما يوضح مدى حبها لي. بدأ جسمها يستثار تدريجيا، وأضيفت إلى حركته رعشات غير منتظمة، وكنت دائما أصاب بالذهول من كثرة تتبع الإثارة الجنسية لأعراض الهيستيريا المختلفة. إن الهيستيريا ربما كانت خطة انتقامية تحاول بنقاء استنبات الوضع الجسماني لمثل هذه الإثارة الجنسية الصحية. ليس من خلال «المتعة»، ولكن من خلال «اللامتعة».
في الغالب تكون اللحظة التي تتبدل فيها الابتسامة التي كانت تملأ وجه المرأة حتى الآن فتتحول - في النهاية مع زيادة حدة البهجة - إلى ملامح صارمة وعنيفة، هي لحظة رائعة بالنسبة للرجل؛ حتى وإن كان ذلك مع امرأة فقد اهتمامه بها. ولكنني اكتشفت هذه الليلة فجأة - وأنا أتأمل، تحت الأضواء الخافتة لمصباح الفندق بالتفصيل، نشوة أكيمي تلك - وجه ريكو الذي لا يمكن أن يشبه وجه أكيمي بأي حال.
يفترض أنني حر في رسم أي تخيل لوجه ريكو في نشوتها؛ حيث إنني لم أشاهدها في تلك النشوة ولا مرة واحدة، ولكن أن أرى ذلك فوق وجه أكيمي!
بعد أن فكرت في ذلك فيما بعد، ومما جعلني لا أستطيع منع إحساسي بالرعب، هو السؤال الآتي: هل الأمر في النهاية مجرد وهم مني، أم أن أكيمي قد حشدت كل قوى اللاوعي لديها لتظهر لي في ذلك الوقت وجه ريكو وهي غارقة في النشوة؟ لا يجب الاندفاع كثيرا وراء عملية تشبيه الهيستيريا بالإثارة الجنسية، ولكن مثلما لا يمكن تفسير ظهور آثار الصلب في أقدام وأيادي مرضى الهيستيريا الدينية، وكذلك النزيف من تشكل البثور في المناطق الحساسة، ونزيف خلايا تحت الجلد، ونزيف في الشعيرات الدموية بين أنواع متلازمة الهيستيريا العصبية؛ فلربما قام جسد أكيمي بلا وعي منها بتمثيل وجه ريكو بذلك الكمال.
كان وجهها يشبه وجه القديسات؛ مثل القديسة تيريزا، فتغطي هالة من النور مؤخرة رأسها، وتغمض عينيها قليلا، وترفع وجهها لأعلى، وتفتح شفتيها الرائعتي الجمال فتحة خفيفة، وتجعل أرنبة الأنف جيدة الشكل. ترتعش ... ويفوح منها شيء لا يمكن معرفة أهي ابتسامة أم تألم! وتقبض يدها تلك بحزم على يد المريض المحتضر، والتي على الأرجح يد صفراء نحيفة ذابلة.
Página desconocida