El problema de las ciencias humanas: su codificación y la posibilidad de su solución
مشكلة العلوم الإنسانية: تقنينها وإمكانية حلها
Géneros
G. Lukace (1885-1971) أن الأيديولوجيا هي الوعي الطبقي، ومن ثم لكل طبقة أيديولوجيتها، كما سبق أن أعلن لينين، بينما رفض أنطونيو جرامشي
A. Gramscis (1891-1937) الانفصال الأيديولوجي بين طبقات المجتمع، وجعل الأيديولوجيا هي جملة الأفكار التي تحرك مجتمعا بأسره وليس طبقة معينة، واستعان في هذا بفكرة الهيمنة أو السيطرة التي أشار إليها ماركس بأن الطبقة السائدة تفرض أيديولوجيتها، «وأيضا الدولة السائدة سياسيا واقتصاديا تفرض أيديولوجيتها على المجتمع الدولي العالمي، أو على قطاع منه يمتد إليه نفوذها»، ولكن لأن هذه توهن من مقولة الصراع الطبقي، ولعناصر أخرى في فلسفة جرامشي - التي تعد من أسبق المعالم التجديدية للماركسية - اتهم جرامشي بتهمة المراجعية أي إعلاء الولاء للماركسية للتسلل إلى صفوف الطبقة العاملة من أجل إشاعة التشكيك في المبادئ الماركسية والعمل على تقويضها.
31
وفي عام 1926 اعتقل موسوليني جرامشي، وظل في السجن حيث كتب مؤلفاته الضخمة حتى وفاته في ريعان العمر شهيدا من شهداء الإخلاص الحقيقي للماركسية.
ولكن الماركسية أو الاشتراكية العلمية عادت لتعين من جديد تضاد العلم والأيديولوجيا وخطورتها عليه، وذلك مع الماركسي الفرنسي والبنيوي الثائر لويس ألتوسير، الذي اختلف مع لينين ولوكاتش وجرامشي في تأكيده أن العلم نقيض الأيديولوجيا، واختلف أيضا مع ماركس بإضافة أن المعرفة تبدأ بالأيديولوجيا، ولكن يتعين التخليص منها، وإحلال العلم محلها فيما أسماه بالانقطاع المعرفي، واستفاد التوسير من البنيوية في تخطيط لهيكل الماركسية الثابت، ووضعها بين الأيديولوجيا والعلم، أو تحديد جوانبها الأيديولوجية وجوانبها العلمية، لتتخلص من الأولى وتبقى علما، وكانت محاولته للخلاص من تشويهات الأيديولوجيا للعلم دءوبة حتى ذهب إلى ما وراء، أو ما قبل الماركسية، وأيضا وضعية كونت، وراح يوضح كيف أن مونتسكيو وروسو قد أعاقهما أنهما ظلا ضحية لأيديولوجيا الطبقة والعصر، ولولاها لتمكنا من إحراز مشروع العلم السياسي بنجاح أكبر.
32
إن الماركسية التي فطنت إلى قوى التشويه الأيديولوجي، ثم وقعت أسيرة لها استنامت لسلطانها، وعادت من جديد يراودها الأمل في المشروع العلمي حقا، ويبدو أملا عسيرا لوطأة الأيديولوجيا الماركسية. نقول إن الماركسية بهذا تعطينا مثالا شديد الدلالة فقط مثال، فليس هذا التشويه قصرا على الماركسية، بل هو - وربما بصورة أشد - كامن فعال من قبل الأيديولوجيات الشتى، لا سيما إذا كانت لمجتمع مغلق بتعبير كارل بوبر، ويعطينا ريكور عرضا ثاقبا لكيفية تسرب أي أيديولوجيا، وفقط من حيث هي أيديولوجيا إلى معاقل العلم، وعبر مراحلها الثلاث من تشويه إلى تبرير إلى إدماج، أوضحنا كيف أصبح في عصرنا هذا إدماج بنسق العلوم الإنسانية دونا عن الطبيعية، يقول بول ريكور:
لننطلق من المثال المتعلق بتخليد المجموعة الإنسانية لأحداث تعتبرها مؤسسة لوجودها الخاص، فاستمرار شعلة الأصول وعظمتها يظل أمرا صعبا جدا؛ ولذلك كثيرا ما يتمازج - ومنذ البداية - مع كل من التواطؤ الجماعي، وتكرير الطقوس الاحتفالية والتمثيل المبسط والمعمم، وكأن الأيديولوجيا لا تحافظ على قوتها المحركة إلا حينما تتحول إلى وسيلة لتبرير السلطة التي تمكن المجموعة الإنسانية من التعبير عن ذاتها وتأكيدها - كفرد كبير على الساحة العالمية - وهذا ما نلاحظه فعلا من خلال الكيفية التي عبرها يتحول تخليد الحدث الجماعي بسهولة كبيرة جدا إلى برهنة متكررة دائما، وذات شكل واحد تقريبا، بواسطة تخليدنا الجماعي هذا نثبت للآخرين أن وجودنا بالطريقة التي نوجد عليها فعلا أمر جيد ومقبول، وهكذا تستمر الأيديولوجيا في فسادها واختلالها، خصوصا حينما نأخذ بعين الاعتبار التبسيط المبالغ فيه، والتمثيل المضخم اللذين بواسطتهما تمتد عملية الإدماج داخل عملية تبرير السلطة، وشيئا فشيئا تصبح الأيديولوجيا شبكة لقراءة سطحية وسلطوية لا لطريقة حياة الجماعة الإنسانية فقط، بل أيضا للموقع الذي تحتله في تاريخ العالم، إلى أن تتحول إلى نظرة عامة للعالم
Vision du Monde ، وهي إذ تصل إلى هذا المستوى العام تصبح عبارة عن قانون ثابت أو شفرة رمزية شمولية يتم بواسطتها تفسير كل أحداث العالم، وهكذا يزداد توسع الوظيفة التبريرية للأيديولوجيا تدريجيا إلى أن تتسرب إلى الأخلاق الاجتماعية وإلى الدين، بل وتلحق حتى العلم.
33
Página desconocida