El problema de las ciencias humanas: su codificación y la posibilidad de su solución
مشكلة العلوم الإنسانية: تقنينها وإمكانية حلها
Géneros
إن السلوكية بزت كل مدارس علم النفس قولا وفعلا في الولاء لمنطق العلم التجريبي، لكن بخطوط الإبستمولوجيا الكلاسيكية للعلم الميكانيكي. فحولت العلة والمعلول، الفعل ورد الفعل، إلى المثير والاستجابة القابلة للملاحظة، ثم التعميم الاستقرائي. وصمت الآذان عن الانهيار المدوي للآلة الميكانيكية العظمى، وتطورات العلم المعاصر. والمحصلة هي اقتصار السلوكية على الوقائع الملاحظة، والتأكيد أن التجريب المعملي هو فقط الذي يؤدي إلى نتائج يعتمد عليها. وهذا جعل اهتمامها بعمليات التفكير والمعرفة في الذهن يتراخى، وتعجز عن تفسير الظواهر شديدة التعقيد، التي لا يمكن الإحاطة بها عن طريق تعميم تجريبي مباشر يفترض أن الإنسان مجرد متلق سلبي لعوامل البيئة والوراثة، وتتفاقم المشكلة حين نصل إلى مستوى علم النفس الاجتماعي، وهو من معاقل السلوكية، عرفت كيف تتوغل في وصفه أو اكتشافه، ولكن تفسيره يحتاج إلى تركيب أكثر منه إلى تحليل وتفتيت. وتظل مشكلة علماء النفس السلوكيين - كما يقول هومانز وهو في طليعة أشياعهم - أنهم لم يكن لديهم روح المغامرة والإقدام في قضاياهم، بحيث تسع تفسيرا للسلوك الاجتماعي.
وبتطرف قد لا يكون مقبولا، يؤكد هومانز نفسه - مع آخرين بالطبع - أن القضايا الأساسية لكل العلوم الإنسانية هي قضايا علم النفس السلوكي، إلا أنه قد نهض بمهمة مد نطاقها علماء النفس الاجتماعيون، الذين أخطئوا - والحديث ما زال لهومانز - في اعتقادهم أن علم النفس السلوكي محدود في مداه، وليس له أن يتجاوز الجرذان وغيرها إلى البشر.
وعلى هذا يمكننا الحكم بأن العجز عن الاقتراب من التفسيرات المقتدرة ذات العمومية المنطقية متوشجا في صميم مصادرات السلوكية. ولعل هذا أحد الأسباب التي أدت إلى الانقلاب عليها الذي شهده النصف الثاني من القرن العشرين - الخمسينيات منه - بعد أن كادت تستأثر طوال نصفه الأول - بالأخص ربعه الثاني - بعلمية علم النفس. هذا الانقلاب أو بالأصح التجاوز، تأتى على وجه التعيين من مدرسة علم النفس المعرفي
Cognitive Paychology
وبفضل الجهود الدءوبة لرواده العظام نخص منهم بالذكر أولريك نايسر
U. Neisser
وجيروم برونر
J. Bruner
تبلور علم النفس المعرفي خلال الستينيات وشق طريقه الواعد، مستفيدا بإيجابيات شتى من العلم المعاصر وإبستمولوجيته وتقانته، لا سيما الذكاء الصناعي وأنظمة تشغيل الحاسوب الإلكتروني (الكمبيوتر) كمناظرة تخطيطية لفهم أنظمة الذكاء الطبيعي، أو العقل الإنساني في حل المشكلات. وبحثنا هذا إذ يحاول دفع وتعميق استفادة العلوم الإنسانية من ثورة العلم المعاصر، إنما يأخذ في الاعتبار علم النفس المعرفي. فقد أصبح معقد الآمال في مستقبل الدراسات السيكولوجية، والإمكانات المستشرفة بإزاء علم النفس في مرحلة ما بعد السلوكية، القادرة على استيعابها بإمبيريقياتها الفعالة، لكن السطحية القاصرة، ثم تجاوزها إلى ما هو أعمق وأشمل.
26 «لتوضيح وإثبات ذلك راجع
Página desconocida