El problema de las ciencias humanas: su codificación y la posibilidad de su solución
مشكلة العلوم الإنسانية: تقنينها وإمكانية حلها
Géneros
وباشلار يطلق نظرياته ورؤاه النافذة المحيطة بأعماق ظاهرة العلم كشاعر ملهم، يقول: «العلم لا يخرج من الجهل كما يخرج النور من الظلام؛ لأن الجهل ليس له بنية، بل يخرج من التصحيحات المستمرة للبناء المعرفي السابق، حتى إن بنية العلم هي إدراك أخطائه. والحقيقة العلمية هي تصحيح تاريخي لخطأ طويل، والاختبار هو تصحيح الوهم الأولي المشترك.»
3
فيؤكد باشلار كثيرا أهمية النقد. أو حسب تعبيره «هذا الشك المسبق المنقوش على عتبة كل بحث علمي، يتصف بأنه متجدد، وهو سمة أساسية لا موقوتة في بنية التفكير العلمي.»
4
لذلك ينتهي باشلار إلى أن العقل العلمي يتنكر دائما لما ينجزه، من حيث دأبه على نقده وتصويبه. ألم نتفق على أن منطق العلم «منطق تصحيح ذاتي»؟! إنه لهذا يكفل لتواتر محاولات العلماء الإبداعية، ومحض توالي البحوث المنهجية ... يكفل لها التقدم المستمر، من حيث يفتح أمامها آفاقا أوسع. معنى هذا أنه مهما أحرزت العلوم الطبيعية من تقدم، فسوف يظل إحرازها هذا يحمل في صلب ذاته إمكانية التقدم الأبعد، فلا ركون ولا سكون البتة. بعبارة أخرى كل إجابة يطرحها العلم يطرح معها تساؤلات جديدة أبعد مراما. وكما يقول كلود ليفي شتراوس
C. Levi Strauss (1908-؟): «سوف تكون هناك دائما فجوة بين الإجابة التي يكون العلم قادرا على إعطائها لنا، وبين السؤال الجديد الذي سوف تثيره هذه الإجابة.»
5
فلن يتوقف أبدا تقدم مسيرة العلم الطبيعي الظافرة، التي انطلقت في طريقها الصاعد الواعد، فور أن وضع نيقولا كوبرنيقوس
N. Copernicus (1473-1543) فرض مركزية الشمس - التي سبق أن طرحها أرسطارخوس الساموسي في القرن الثاني الميلادي - بدلا من مركزية الأرض في النظام البطلمي القديم، المعتمد طوال العصور الوسطى. وتعد مركزية الشمس الكوبرنيقية - بضعف حجمها، وما فيها من أوجه قصور - هي المنعطف الجذري بألف ولام التعريف، الذي تحول معه العقل البشري من شعاب العلم الطبيعي القديم، ليستهل الخطوة الأولى ونقطة البدء في تشييد «نسق العلم الحديث».
لقد قيل إن العلم الطبيعي أقدم عهدا من التاريخ. فالمعطيات الأساسية التي يرسو عليها تأملها الإنسان وأسلافه لعشرات ومئات الآلاف من السنين، وقبل أن تخترع الكتابة. والواقع أن رموز الأعداد اخترعت قبل الكتابة. فأول ما ينبغي أن نقره بشأن العلم، هو أنه متأصل في صلب أقدم مناحي الإنجاز الإنساني.
Página desconocida