( ز ) مسألة أمر الله عبده بما يعلم أنه يمتنع منه صورتها أن يقول له اذا جاء الزوال فصل وهو يعلم أنه يموت قبل الزوال فعندنا هذا أمر صحيح لان من أصلنا أن فائدة الامر ( تنشأ ) من نفس الامر لا من الفعل المأمور به فيحصل اعتقاد الوجوب والعزم على الطاعة ويكون سببه الامتحان والابتلاء وهو أحد ركنى الشرائع والركن الآخر تضمن الافعال المصالح وينبغي على مساق هذا أن نجوزه وان علم المأمور أنه يموت قبل الوقت كما يجوز توبة المجبوب من الزنا والاقطع من السرقة ويكون فائدته العزم على الطاعة بتقدير القدرة والخلاف فى الجميع مع البهشمية وليست هذه المسألة مبنية على تكليف خلاف المعلوم ولا على تكليف المعجوز عنه وان كان لها به ضرب من التعلق لكن تشبه النسخ قبل التمكن لان ذلك رفع للحكم بخطاب وهذا رفع للحكم بتعجيز وقد نبه ابن عقيل على ذلك وينبنى على أنه قد يأمر بما يريد وكذلك القاضى نبه فى الكفاية على الفرق بين هذا وتكليف ما يعجز عنه العبد مثل الطيران والمشى على الماء وقلب العصا حية
مسألة اجمع الفقهاء والمتكلمون على أن المأمور يعلم أنه مأمور قال ابن برهان وصار أبو هاشم إلى أنه لا يعلم ذلك حتى يمضى زمان الامكان هذا قوله وقول أكثر المعتزلة قال لان شرط الامر المكنة والاستطاعة ولا نعلم دوام قدرته حتى يفرغ من المأمور به واختاره الجوينى وزيف مذهب أصحابه
مسألة يجوز أن يأمر الله المكلف بما يعلم الله منه أنه لا يفعله نص عليه فى أمره ونهيه خلافا للمعتزلة واستدل عليه ابن عقيل بالاجماع على علمه بامتناع ابليس قبل أمره وذكر أن المسلمين أجمعوا على ذلك وهم لا يخالفون فى هذه المسألة وقد أنكر ابن عقيل وغيره هذه المسألة على هذا الوجه والتحقيق أن الخلاف فيها مع غلاة القدرية من المعتزلة وغيرهم وهم الذين يقولون لم يعلم أفعال العباد حتى عملوها مثل معبد الجهنى وعمرو بن عبيد وهم كفار
Página 48