Prados de oro y minas de gemas

Al-Masudi d. 346 AH
159

Prados de oro y minas de gemas

مروج الذهب ومعادن الجوهر

قال المسعودي: وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما افتتح عمرو بن العاص مصر كتب إليه بمحاربة النوبة، فغزاهم المسلمون، فوجدوهم يرمون الحدق وأبي عمرو بن العاص أن يصالحهم، حتى صرف عن مصر، ووليها عبد الله بن سعد، فصالحهم على رؤوس من السبي معلومة، مما يسبي هذا الملك المجاور للمسلمين من غيرهم من ممالك النوبة المقدم ذكرها فيما سلف من صدر هذا الباب المدعو بملك مريس وغيرها من أرض النوبة، فصار ما قبض منه من السبي سنة جارية في كل سنة إلى هذه الغاية يحمل إلى صاحب مصر ويدعى هذا السبي في العربيه بأرض مصر والنوبة بالبقط، وعمد ذلك ثلثمائة رأس وخمس وستون رأسا، وأراه رسم على عدد أيام السنة، هذا لبيت مال المسلمين بشرط الهدنة بينهم وبين النوبة، وللأمير بمصر غير ما ذكرنا من عدد السبي أربعوت رأسا، ولخليفته المقيم ببلاد أسوان المجاورة لأرض النوبة، وهو المتولي لقبض هذا البقط، وهو السبي، عشرون رأسا غير الأربعين، وللحاكم المقيم بأسوان الذي يحضر مع أمير أسوان قبض البقط خمسة رؤوس غير العشرين التي يقبضها الأمير، ولاثني عشر شاهدا عدولا من أهل أسوإن يحضرون مع الحاكم حين قبض البقط اثتا عشر رأسا من السبي حسب ما جرى به الرسم في صدر الإسلام في بلد إيقاع الهدنة بين المسلمين النوبة، والموضع الذي يتسلم فيه هذا البقط ويحضره من سميناه وغيرهم من النوبة من ثقات الملك يعرف بالقصر، وهو على ستة أميال من مدينة آسوان بالقرب من في يرة بلاق، وبلاق هذه مدينة في الموضع المعروف بالجنادل من الجبال والأحجار، وهذه المدينة في هذه الجزيرة يحيط بها ماء النيل كإحاطة ماء الفرات بالمدن التي في الجزائر الكائنة بين رحبة مألك بن طوق وهيت، وهي ناوسة وعانة والحديثة، وفي مدينة بلاق خلق كثير من الناس ومنبر ونخل كثير في كلا الشطين، وهذء المدينة إليها تنتهي سفن النوبة وسفن المسلمين من بلاد مصر وأسوان، ومدينة أسوان يسكنها كثير من العرب من قحطان ونزاربن معد من ربيعه ومضر وخلق من قريش، وأكثرهم ناقلة من الحجاز وغيره، والبلد كثير النخل خصيب كثير الخير تودع النواة الأرض فتنبت نخلة، ويؤكل من ثمرها بعد سنتين، وليست تربتهم كتربة البصرة ولا الكوفة ولا غيرهما من أرض النخل، لأن النخل بالبصرة لا ينبت من النوى بل ينبت من الثال والفسيل، وهو النخل الصغير، وما يخرج من النواة فليس يثمر ولا يفلح، ولمن بأسوان من المسلمين ضياع كثيرة داخلة بأرض النوبة يؤدون خراجها إلى ملك إلنوبة، وابتيعت هذه الضياع من النوبة في صدر الزمان في دولة بني أمية وبني العباس، وقد كان ملك النوبة استعدى المأمون حين دخل مصر على هؤلاء القوم بوفد أوفدهم إلى الفسطاط، ذكروا عنه أن ناسا من أهل مملكته وعبيده باعوا ضياعا من ضياعهم ممن جاورهم من أهل أسوان، وأنها ضيهاعه والقوم عبيدة، ولا أملاك لهم، وإنما تملكهم على هذه الضياع تملك العبيد العملين فيها فرد المأمون أمرهم إلى الحاكم بمدينة أسوان ومن بها من أهل العلم والشيوخ، وعلم من ابتاع هذه الضياع من أهل أسوان أنها ستنزع من أيديهم، فاحتالوا على ملك النوبة بأن تقدموا إلى من ابتاع منهم من أهل النوبة أنهم إذا حضروا حضرة الحاكم أن لا يقروا لمليكهم بالعبوية، وأن يقولوا: سبيلنا معاشر المسلمين سبيلكم مع ملككم تجب علينا طاعته وترك مخالفته، فإن كنتم أنتم عبيدا لملككم وأموالكم له فنحن كذلك، فلما جمع الحاكم بينهم وبين صاحب الملك أتوا بهذا الكلام للحاكم أو نحوه مما وقفوا عليه من هذا المعنى، فمضى البيع لعدم إقرارهم بالرق لملكهم إلى هذا الوقت، وتوارث الناس تلك الضياع بأرض النوبة من بلاد مريس، وصار النوبة أهل مملكة هذا الملك نوعين: نوع ممن وصفنا أحرأر غير عبيد، والنوع الأخر من أهل مملكته عبيد، وهم من سكن النوبة في غير هذه البلأد المجاورة لأسوان، وهي بلاد مريس.

معدن الزمرد وأنواعه

ومعدن الزمرد في عمل الصعيد الأعلى من أعمال مدينة قفط، ومنها يخرج إلى هذا المعدن، والموضع الذي فيه الزمرد يعرف بالخربة مفاوز و جبال، والبجة تحمي هذا المجان المعروف بالخربة، إليها يؤدي الخفارات من يرد إلى حفر الزمرد، والزمرد الذي يقتلع من هذا المكان يتنوع أربعة أنواع: النوع الأول منها يعرف بالمر، وهو أجودها وأغلاها ثمنا، وهو شديد الخضرة كثير الماء، يشبه خضرته بأشد ما يكون من السلق خضرة، وهذا اللون غير كدر ولا ضارب إلى السواد، والنوع الثاني يدعى بالبحري، ومعناهم في هذه التسمية هو أن ملوك البحر من السند والهند والزنج والصين ترغب في هذا النوع من الزمرد، وتباهي في استعماله ولباسه في تيجانها وأكاليلها وخواتيمها وأسورتها، فسمي البحري لما ذكرنا، وهو ثاني المر في الجودة وتشبه خضرته بالأول والماء كفراخ ورق الأس الذي يظهر في أوائل أغصان الآس وأطرافه، والنوع الثالث يعرف بالمغربي، ومعناهم في هذه التسمية وإضافتهم إياه إلى المغرب هو أن ملوك المغرب من الإفرنجة والنوكبرد والأندلس والجلالقة والوشكند والصقالبة والروس، وإن كان أكثر هؤلاء الأمم متصلين بالجدي وهو ما بين المشرق والمغرب على حسب ما ذكرنا من ديار ولد بافث بن نوح يتنافسون في هذا النوع من الزمرد كتنافس من ذكرنا من ملوك الهند والصين في النوع المعروف بالبحري، والنوع الرابع هو المسمى بالأصم، وهو أدنى الأنواع وأقلها ثمنا؛ لقلة مائه وخضرته، وهذا النوع يتفاوت في اللون من الخضرة في القلة والكثرة، وجملة الوصف لهذه الأنواع الأربعة في الجودة والمبالغة في الثمن هو أكثرها ماء وأصفاها وأكثرها خضرة وأنقاها من السواد والصفرة، وغير ذلك من الألوان، مع تعري هذا الجوهر من النموشة، فإذا سلم مما ذكرنا كان في نوعه غاية في الجودة ونهاية في الوصف، وفى حجارته ما يبلغ الخمسة المثاقيل من الوزن، إلى أن ينتهي إلى حد العدسة في المقدار، فيدخل ذلك في النظم من المخانق وغيرها.

Página 177