Prados de oro y minas de gemas
مروج الذهب ومعادن الجوهر
وذكر جماعة من أهل الدرايات بأخبار ملوك العالم أنه أول من اقتنى البزاة ولعب بها وضراها، وأنه ركب في بعض الأيام في طربه إلى بعض متنزهاته فنظر إلى باز يطير، فرآه إذا علا صفق، وإذا سفل خفق، وإذا أراد أن يستوي فرق، فأتبعه بصره حتى اقتحم شجرة ملتفة كثيرة الشوك، فتأمله فأعجبه صفاء عينيه وصفرتها وكمال خلقه، فقال: هذا طائر حسن، وله سلاح وينبغي أن تتزين به الملوك في مجالسها، فأمر أن يجمع منها عدة لتكون في مجلسه زينته، فعرض لباز منها أيم، وهو الحية الذكر، فوثب عليه البازي فقتله، فقال الملك: هذا ملك يغضب مما تغضب منه الملوك، ثم عرض له بعد أيام ثعلب كان داجنا، فوثب عليه البازي فما أفلت إلا جريحا، فقال الملك: هذا ملك جبار لا يحتمل الضيم، ثم مر به طائر فوثب عليه فأكله، فقال الملك: هذا ملك يمنع حماه ولا يضيع أكله، فلعب بها ثم لعب بعده ملوك الأمم من اليونانيين والروم والعرب والعجم وغيرهم، وثني من بعده من ملوك الروم بلعب الشواهين والاصطياد بها، وقد قيل: إن اللذارقة وهم ملوك الأندلس من الأشبان أول من لعب بالشواهين وصاد بها، وكذلك اليونانيون أول من صاد بالعقبان ولعب بها، وقد ذكر أن ملوك الروم أول من صاد بالعقبان.قال المسعودي: وقد قدمنا فيما سلف من هذا الكتاب عند ذكرنا لجبل القبخ والباب والأبواب جملا من أخبارها وأخبار من لعب بها، وقد كان من سلف من حكماء اليونانيين يقولون: إن الجوارح أجناس، خلقها الله تعالى وأنشأها على منازلها ودرجاتها، وهي: أربعة أجناس، وثلاثة عشر شكلا، فأما الأجناس الأربعة فهي: البازي، والشاهين، والصقر، والعقاب، وقد ذكرنا هذه الأجناس والأشكال على طريق الخبر في الكتاب الأوسط على مراتبها من سائر أنواع الحيوان الجوارح، ودلائلها، وما قاله الناس في ذلك.
هيفلوس
ثم ملك بعد بطليموس هيفلوس وكان رجلا جبارا، وفي أيامه عملت الطلسمات وظهرت عبادة التماثيل والأصنام لشبه دخلت عليهم، وأنها وسائط بينهم وبين خالقهم تقربهم إليه وتدنيهم منه، وكان ملكه ثمانيا وثلاثين سنة، وقيل: أربعين سنة. وقد قيل: إن الذيىتملك بعد خليفة الإسكندر بطليموس الثاني،محب الأخ، وغزا بني إسرائيل ببلاد فلسطين وإيليا من أرض الشام، فسباهم، وقتل منهم، وطلب العلوم، ثم رد بني إسرائيل إلى فلسطين، وحمل معهم الجواهر والأموال، وآلات الذهب والفضة لهيكل بيت المقدس، وكان ملك الشام يومئذ أبطنجنس، وهو الذي بني مدينة أنطاكية، وكانت دار ملكه، وجعل بناء سورها أحد عجائب العالم في البناء على السهل والجبل، ومسافة السور أثنا عشر ميلا ، عدة الأبراج فيه مائة وستة وثلاثون برجا، وجعل عدد شرفاته أربعة وعشرين ألف شرفة، وجعل كل برج من الأبراج ينزله بطريق برجاله وخيله، وجعل كل برج منها طبقات إلى أعلاه، فمربط الخيل في أسفله، وأرضه، والرجال في طبقاته والبطريق في أعلاه، وجعل كلى برج منها كالحصن عليه أبواب حديد، وآثار الأبواب ومواضع الحديد بين إلى هذا الوقت وهو سنة اثنتين وثلائين وثلثمائة وأظهر فيها مياها من أعين وغيرها، لا سبيل إلى قطعها من خارجها، وجعل إليها مياها منصبة في قني مخرقة إلى شوارعها ودورها، ورأيت فيها من هذه المياه ما يستحجر في مجاريها المعمولة من الخزف لترادف التقن فيها فيتراكم طبقات ويمنع الماء من الجريان بانسداده، فلا يعمل الحديد في كسره، وقد ذكرنا ذلك في كتابنا المترجم بالقضايا والتجارب ما شاهدناه حسا، ونمي إلينا خبرا، مما يولده ماء أنطاكية في أجساد الحيوان الناطق وأجوافهم، وما يحدث في معدهم، من الرياح السوداوية الباردة والقولنجية الغليظة، وقد أراد الرشيد سكناها فقيل له بعض ما ذكرنا من أوصافها، وترادف الصدأ على السلاخ من السيوف وغيرها بهأ، وعدم بقاء ريح أنواع الطيب بها، واستحالته على اختلاف أنواعه فامتنع من سكناها.
جماعة من ملوك اليونانيين
ثم ملك على اليونانيين بعد هيفلوس بطليموس الصانع، ستا وعشرين سنة.
Página 134