potential
تتلون بتلون السياق، وليس على المترجم حرج إن هو استعاض عن المعنى العام بمعنى مخصص ولو بالتأويل، ولو أن المعنى العام لم يعد عسيرا على الإدراك بالعربية المعاصرة. (3-18) أما الكلمة التي لا بد من التصدي بحزم لها فهي كلمة «المحتمل»، التي شاعت في ترجمات الأمم المتحدة وأصبحت مصدر خلط شديد. (6) Three lawyers were detained on a charge of defending dissidents; they were potential prisoners of conscience. (6) اعتقل ثلاثة من المحامين بتهمة الترافع عن بعض المنشقين، وقد يكونون من سجناء الرأي. (1-3-18) و«سجين الرأي» هو التعبير الذي استحدثه طه حسين ليصف به كل من يسجن بسبب اختلافه في الرأي مع النظام الحاكم، ونشير عرضا هنا إلى عبقرية طه حسين في إخراج هذا المصطلح الذي شاع لدى المشتغلين في مجالات حقوق الإنسان؛ أي
human rights ؛ فهو لم يقف عند المعنى الشائع لكلمة
conscience (الضمير) ولو فعل لضلل أجيالا كثيرة. ولا بد لنا أن نضيف أن الاستعاضة عن المعنى الشائع قد تتضمن بعض الأخطار (is potentially dangerous) ، خصوصا حين يكون المترجم مبتدئا، أو حين يفتقر إلى الدربة اللازمة، على نحو ما فعل المترجمون الأوائل للإعلان العالمي لحقوق الإنسان حين ترجموا تعبير «حرية الضمير» بحرية «الوجدان» بكسر الواو، وهو المصطلح المستحدث في الفلسفة للتعبير عن الإحساس باللذة أو الألم، أو عن الحالة النفسية المتأثرة باللذة أو الالم (في مقابل الحالات الأخرى المتأثرة بالإدراك والمعرفة)، وكان بوسع المترجم أن يقول «حرية الرأي» لولا أن حرية الرأي منصوص عليها في المتن نفسه
freedom of opinion ، أو «حرية العقيدة»، لولا أنها منصوص عليها أيضا (belief) ، ومن ثم لجأ إلى الوجدان فهو عنصر آخر من عناصر الضمير، والضمير أصلا هو المضمر، أو ما تضمره في نفسك ويصعب الوقوف عليه، ثم تحول المعنى إلى ما نفهمه حاليا من الكلمة، وهكذا انتهى المترجم إلى العنصر غير المنصوص عليه، وهو المعنى المستحدث للوجدان، فأثبته وفق تأويله للمعنى الموحي به في التعبير الإنجليزي، ولكن ذلك التأويل لم يكن موفقا؛ لأن واضعي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كانوا يقصدون الضمير بمعناه الحديث؛ ولذلك أعادت الأمم المتحدة ترجمة الإعلان، وأصبحت الترجمة الحديثة تنص على حرية الضمير لا على حرية الوجدان. (2-3-18) ولكن الأمم المتحدة لا تزال تترجم
potential
بكلمة المحتمل، وهي تستند في ذلك إلى المعنى القديم الذي يورده المعجم الوسيط في تعبير حديث قائلا: «واحتمل الأمر أن يكون كذا: جاز.» وهو معنى كاد أن يصبح مقصورا على استعمالات محددة مثل قولك: «إن ذلك يحتمل الصواب والخطأ.» ومثل «احتمل الشيء والأمر: حمله وصابر عليه، ويقال: احتمل ما كان منه: أغضى عليه وعفا عنه» (الوسيط). ولا تورد المعاجم العربية المعنى الحديث للمحتمل بمعنى «المرجح»، وهو المعنى الحديث الذي يهمنا هنا؛ فنحن نقول ما هي احتمالات زيادة رأس المال؟ بمعنى ما هي التوقعات أو الفرص المتاحة لزيادته، ونقول إنه من المحتمل أن يصل غدا؛ أي نتوقع أن يصل غدا أو نرجح وصوله غدا، ولا نعني أنه يجوز أو لا يجوز، ونحن نصف درجات الاحتمال، فإذا كان ضعيفا قلنا إنه غير مرجح، وإن كان قويا رجحناه، وهذا كله يختلف عن الإمكان وعن القدرة، وهذا هو مربط الفرس في الكلمة التي نحن بصددها. (7) Promoted to the rank of full colonel, a potential active duty commander, he was only given a desk job, as his superiors thought him unlikely to take part in any forthcoming combat. (7) رقي الضابط إلى رتبة العقيد، وهي رتبة تعني إسناد القيادة إليه في العمليات العسكرية، ولكن رؤساءه عينوه في وظيفة مكتبية؛ إذ رأوا أنه من غير المحتمل أن يشارك في أي عملية قتالية مقبلة.
والتعبير «تعني إسناد القيادة إليه» تترجمها الأمم المتحدة بالكلمة التي نحن بصددها؛ أي «قائد محتمل» (في العمليات العسكرية)، وإذا كان «الاحتمال» بمعنى الإمكانية واردا، فكلمة «المحتمل» تفسد النص تماما؛ لأننا نقول إن ذلك «غير محتمل»
intolerable/unbearable ؛ أي لا يمكن تحمله، ونقول ذلك «محتمل» إذا كنا نصف الشيء الذي تتوقع حدوثه، وهو شخص محتمل؛ أي يمكن تحمل وجوده أو أفعاله أو كلامه! (3-3-18) ولكن المحتمل شيء والممكن شيء آخر، فهل من المحتمل أن أقرر في هذه اللحظة وعند هذه النقطة انتهاء الكتاب، فأختتم بهذه العبارة الفصل والباب والكتاب؟ إنه أمر مستبعد؛ أي غير محتمل، وإن كان ممكنا؛ فهو ليس محالا، وهو قطعا في طوق كل كاتب! وقد بدأ الخلط عندما وجد المترجمون أنفسهم في حاجة إلى جمع احتمال (احتمالات)، ووضعوها في مقابل كلمة
possibilities ، وهي الكلمة التي تتضمن معنى الاحتمال إلى جانب الإمكان. وأول معنى لكلمة
Página desconocida